كتاب مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (اسم الجزء: 5)
وجلسنا معه) رواه أبوداود، والنسائي، وابن ماجه، وزاد في آخره: كأن على رؤسنا الطير.
1728- (22) وعن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((كسر عظم الميت ككسره حياً)) رواه مالك، وأبوداود، وابن ماجه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الجلوس لمن كان منتظراً دفن الجنازة. (وجلسنا معه) هذا لفظ أبي داود، وللنسائي: وجلسنا حوله. (رواه أبوداود) وسكت عنه هو والمنذري. (والنسائي وابن ماجه) قال الشوكاني: رجال إسناد هذا الحديث رجال الصحيح على كلام في المنهال بن عمرو وشيخه زاذان. قلت: تقدم هذا الحديث مطولاً في "باب ما يقال عند من حضره الموت" في الفصل الثالث منه، وسبق الكلام فيه هناك مفصلاً. (وزاد) أي ابن ماجه، وفي بعض النسخ "وزادا" بلفظ التثنية، وهو الراجح، فإن الزيادة المذكورة عند النسائي أيضاً. (كأن على رؤسنا الطير) تقدم معناه.
1728- قوله: (كسر عظم الميت) قال السيوطي في حاشية أبي داود في بيان سبب الحديث: عن جابر قال: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جنازة، فجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - على شفير القبر وجلسنا معه، فأخرج الحفار عظماً ساقاً أو عضداً، فذهب ليكسره فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا تكسرها، فإن كسرك إياها ميتاً ككسرك إياها حياً، ولكن دسه في جانب القبر. (ككسره) أي العظم. (حياً) يعني في الإثم، كما في رواية القضاعي، وكذا في حديث أم سلمة عند ابن ماجه. قال الطيبي: إشارة إلى أنه لا يهان ميتاً كما لا يهان حياً. وقال الباجي: يريد أن له من الحرمة في حال موته مثل ما له منها حال حياته، وأن كسر عظامه في حال موته يحرم كما يحرم كسرها حال حياته، قال: ولا يتساويان في القصاص وغيره، وإنما يتساويان في الإثم. قال الزرقاني: الاتفاق على حرمة فعل ذلك به في الحياة والموت لا في القصاص والدية، فمرفوعان عن كاسر عظم الميت إجماعاً-انتهى. وكذا قال الطحاوي في مشكله. وحاصله أن عظم الميت له حرمة مثل ما لعظم الحي من الحرمة، فكان كاسره في انتهاك الحرمة ككاسر عظم الحي لكن لا حياة فيه، فينتفى القصاص والأرش لأنعدام المعنى الذي يوجبه وهو الحياة-انتهى. ويحتمل أن الميت يتألم كما يتألم الحي. ويؤيده ما أخرجه ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال: أذى المؤمن في موته كأذاه في حياته. قال ابن عبد البر: يستفاد منه أن الميت يتألم بجميع ما يتألم به الحي، ومن لازمه أن يستلذ بما يستلذ به الحي. (رواه مالك وأبوداود وابن ماجه) الحديث أخرجه مالك موقوفاً من قول عائشة أنه بلغه أنها كانت تقول: كسر عظم الميت ميتاً ككسره وهو حي. قال ابن عبد البر: كذا الأكثر الرواة، ولبعضهم مالك عن أبي الرجال عن عائشة موقوفاً، ولا أعلم أحداً رفعه عن مالك-انتهى. وأخرجه أحمد وأبوداود وابن ماجه وابن حبان والبيهقي مرفوعاً، وسكت عنه أبوداود والمنذري، وحسنه ابن القطان. وقال ابن دقيق العيد والحافظ في بلوغ المرام: إنه على شرط مسلم،
الصفحة 449
560