كتاب مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (اسم الجزء: 5)
{الفصل الثالث}
1729- (23) عن أنس، قال: ((شهدنا بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تدفن، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس على القبر، فرأيت عينيه تدمعان، فقال: هل فيكم من أحد لم يقارف
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ورواه القضاعي من وجه آخر عنها، وزاد: في الإثم، وأخرجه ابن ماجه من حديث أم سلمة، وفيه هذه الزيادة، وفي سنده عبد الله بن زياد، وهو مجهول.
1729- قوله: (شهدنا) أي حضرنا. (بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي جنازتها، وهي أم كلثوم زوج عثمان بن عفان رضي الله عنه، بينه الواقدي في روايته عن فليح بن سليمان عن هلال بن علي عن أنس، أخرجه ابن سعد في الطبقات في ترجمة أم كلثوم، وكذا الدولابي في الذرية الطاهرة، وكذلك رواه الطبري والطحاوي، وكانت وفاتها سنة تسع، ورواه حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس فسماها رقية، أخرجه البخاري في تاريخه الأوسط، والحاكم في المستدرك، وقد رده البخاري حيث قال: ما أدري ما هذا، فإن رقية ماتت والنبي - صلى الله عليه وسلم - ببدر لم يشهدها. قال الحافظ: وهم حماد في تسميتها فقط، ويؤيد الأول ما رواه ابن سعد أيضاً في ترجمة أم كلثوم من طريق عمرة بنت عبد الرحمن قالت: نزل في حفرتها أبوطلحة. (تدفن) أي في حال دفنها. (ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس) جملة حالية. (على القبر) أي على جانب القبر وشفيره وهو الظاهر. (تدمعان) بفتح الميم أي تسيلان دمعاً. وفيه جواز البكاء على الميت بعد موته حيث لا صياح ولا غيره مما ينكر شرعاً، وأما قوله "فإذا وجبت فلا تبكين باكية" فهو محمول على الصياح ورفع الصوت، أو على الأولوية، أو أنه مخصوص بالنساء؛ لأنه قد يفضي بكاءهن إلى ما يحذر من النياحة لقلة صبرهن، فيكون من باب سد الذريعة. (هل فيكم من أحد) من زائدة. (لم يقارف) من المقارفة بالقاف والفاء. قال في النهاية: قارف الذنب إذا أتاه ولاصقه، وقارف امرأته إذا جامعها. وفي جامع الأصول: لم يقارف أي لم يذنب ذنباً. ويجوز أن يراد الجماع فكنى عنه، ذكره الطيبي. وبالثاني جزم ابن حزم قال: ومعاذ الله أن يتزكى أبوطلحة بحضرة النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه لم يقارف ذنباً تلك الليلة-انتهى. ويقويه أن في رواية ثابت عن أنس عند البخاري في التاريخ الأوسط: لا يدخل القبر أحد قارف أهله البارحة، فتنحى عثمان. وحكى عن الطحاوي أنه قال "لم يقارف" تصحيف، والصواب لم يقاول أي لم ينازع غيره الكلام؛ لأنهم كانوا يكرهون الحديث بعد العشاء. وتعقب بأنه تغليظ للثقة لغير مستند. قيل: سبب قوله - صلى الله عليه وسلم - إن عثمان كان قد جامع بعض جواريه في تلك الليلة. فتلطف - صلى الله عليه وسلم -
الصفحة 450
560