كتاب مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (اسم الجزء: 5)

متفق عليه.
1740- (5) وعن أبي بردة، قال: ((أغمي على أبي موسى، فأقبلت امرأته أم عبد الله تصيح برنة، ثم أفاق، فقال: ألم تعلمي! وكان يحدثها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: أنا بريء ممن حلق وصلق وخرق)) . متفق عليه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وتخصيص الإناث في بعض الأحاديث خرج مخرج العادة، فإن هذه الأفعال إنما هي عادتهن لا عادة الذكور، والواو فيهما بمعنى أو، فالحكم في كل واحد لا المجموع؛ لأن كلاً منهما دال على عدم الرضاء والتسليم للقضاء. (متفق عليه) أخرجه البخاري في الجنائز، وفي مناقب قريش، ومسلم في الإيمان. وأخرجه أيضاً أحمد. (ج1:ص386،432،442،456،465) والترمذي والنسائي وابن ماجه والبيهقي.
1740- قوله: (أغمي على أبي موسى) الأشعري. وفي رواية: وجع أبو موسى وجعاً فغشي عليه. (فأقبلت) أي شرعت وجعلت وصارت. (امرأته أم عبد الله) أي بنت أبي دومة، كما في رواية النسائي، ويستفاد من تاريخ البصرة لعمر بن شبة أن اسمها صفية بنت دمون، وأنها والدة أبي بردة بن أبي موسى، وأن ذلك وقع حيث كان أبوموسى أميراً على البصرة من قبل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهي صحابية هاجرت مع أبي موسى، ذكرها الحافظ وابن عبد البر في الكنى من الصحابيات. (تصيح برنة) بفتح الراء وتشديد النون، صوت مع البكاء فيه ترجيع. (ثم أفاق) أي أبوموسى. (ألم تعلمي) أي ما حدثتك. (وكان يحدثها) قال الطيبي: وكان يحدثها حال، والعامل قال، ومفعول "ألم تعلمي" مقول القول، أي ألم تعلمي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: أنا بريء، فتنازعا فيه. (أنا بريء) قال عياض: أي من فعلهن أو مما يستوجبن من العقوبة أو من عهدة ما لزمني بيانه، وأصل البراءة الانفصال، وليس المراد التبري من الدين والخروج منه. قال النووي: ويحتمل أن يراد به ظاهره وهو البراءة من فاعل هذه الأمور. (ممن حلق) أي شعره عند المصيبة لأجلها كما هو عادة الهنادك في الهند. (وصلق) بالصاد المهملة والقاف، وفي المصابيح بالسين بدل الصاد وهو لغة، ومنه قوله تعالى: {سلقوكم بألسنة حداد} [الأحزاب:19] . أي رفع صوته بالبكاء عند المصيبة. وقيل: هو أن تصك المرأة وجهها وتخدشه. (وخرق) بالتخفيف أي شق ثوبه عند المصيبة، والحديث يدل على تحريم هذه الأفعال؛ لأنها مشعرة بعدم الرضا بالقضا، وكان الجميع من صنيع الجاهلية، وكان ذلك في أبلغ الأحوال من صنيع النساء. (متفق عليه) أخرجه البخاري في الجنائز معلقاً. وقيل موصولاً، ومسلم في الإيمان، وأخرجه أحمد أيضاً. (ج4:ص396-404-405-411-416)

الصفحة 464