كتاب مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (اسم الجزء: 5)

متفق عليه.
1743- (8) وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يموت لمسلم ثلاثة من الولد
ـــــــــــــــــــــــــــــ
على طول الأيام يسلو، كما يقع لكثير من أهل المصائب. وفي هذا الحديث من الفوائد: جواز زيارة القبور للنساء؛ لأنه لم ينه المرأة المذكورة عن زيارة قبر ميتها، وإنما أمرها بالصبر والتقوى لما رأى من جزعها، فدل على جوازها. وفيه ما كان فيه عليه الصلاة والسلام من التواضع والرفق بالجاهل ومسامحة المصاب وقبول اعتذاره، وملازمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وفيه أن القاضي لا ينبغي له أن يتخذ من يحجبه عن حوائج الناس. وأن من أمر بمعروف ينبغي له أن يقبل ولو لم يعرف الآمر. وفيه أن الجزع من المنهيات لأمره لها بالتقوى مقروناً بالصبر، وفيه الترغيب في احتمال الأذى عند بذل النصيحة ونشر الموعظة. (متفق عليه) وأخرجه أيضاً أحمد والترمذي وأبوداود والنسائي وابن ماجه والبيهقي.
1743- قوله: (لا يموت لمسلم) رجل أو امرأة، ففي هذه اللفظة عموم تشمل الذكر والأنثى، بخلاف الرواية الآتية فإنها مقيدة بالنساء، وليس لها مفهوم لما في بقية الروايات من التعميم، وقيد الإسلام شرط؛ لأنه لا نجاة للكافر بموت أولاده، فقيده به ليخرج الكافر فهو مخصوص بالمسلم، وهل يدخل في ذلك من مات له ولد فأكثر في حالة الكفر ثم أسلم بعد ذلك أو لا بد أن يكون موتهم في حالة إسلامه، قد يدل للأول حديث: أسلمت على ما أسلفت من خير، لكن جاءت أحاديث فيها تقييد ذلك بكونه في الإسلام، فالرجوع إليها أولى، فمنها حديث أبي ثعلبة الأشجعي المروي في مسند أحمد والمعجم الكبير للطبراني، قلت: يا رسول الله، مات لي ولدان في الإسلام، فقال: من مات له ولدان في الإسلام أدخله الله الجنة، وحديث عمرو بن عبسة عند أحمد وغيره مرفوعاً: من ولد له ثلاثة أولاد في الإسلام فماتوا قبل أن يبلغوا الحنث أدخل الله الجنة بفضل رحمته إياهم. (ثلاثة) وهل هو حكم ما سوى الثلاثة، سيأتي في شرح الحديث الآتي. (من الولد) بفتحتين يشمل الذكر والأنثى، والظاهر أن المراد من ولد الرجل حقيقة، أي الأولاد الصلبية، يدل عليه حديث أنس عند النسائي رفعه: من احتسب ثلاثة من صلبه دخل الجنة، وكذا حديث عقبة بن عامر عند أحمد والطبراني رفعه: من أثكل ثلاثة من صلبه فاحتسبهم على الله-الحديث، وحديث عمرو بن عبسة عند الطبراني وحديث عثمان بن أبي العاص عند أبي يعلى والبزار والطبراني أيضاً، وفيه عبد الرحمن ابن إسحاق أبوشيبة وهو ضعيف. وأما أولاد الأولاد ففي دخولهم بحث. قال الحافظ: والذي يظهر أن أولاد الأولاد الصلب يدخلون ولا سيما عند فقد الوسائط بينهم وبين الأب، والتقييد بكونهم من الصلب يدل على إخراج

الصفحة 468