كتاب مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (اسم الجزء: 5)

رواه مسلم. وفي رواية لهما: ((ثلاثة لم يبلغوا الحنث)) .
1745- (10) وعنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يقول الله: ما لعبدي المؤمن عند جزاء إذا قضبت صفيه من أهل الدنيا
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الفتح. وقال الهيثمي: هو متروك، وقد سرد العيني في باب فضل من مات له ولد فاحتسب أحاديث أخرى، وكذا الهيثمي في مجمع الزوائد في باب من مات له واحد، ويدل على ذلك أيضاً حديث أبي هريرة الذي بعد هذا، فإن قوله "صفية" يدخل فيه الواحد فما فوقه، وهو أصح ما ورد في ذلك. (رواه مسلم) في البر والصلة وأخرجه أيضاً البيهقي. (وفي رواية لهما) أي للشيخين (ثلاثة لم يبلغوا الحنث) يعني في اللفظ المتقدمة ثلاثة مطلق، وفي رواية لهما ثلاثة مقيدة بهذا الوصف، والحنث بكسر المهملة وسكون النون آخره مثلثة: الإثم والذنب، قال تعالى: {وكانوا يصرون على الحنث العظيم} [الواقعة:46] ، يعني لم يبلغوا سن التكليف الذي يكتب فيه الإثم والذنب، وقيل: المعنى لم يبلغوا مبلغ الرجال حتى يجري عليهم القلم فيكتب عليهم الحنث والإثم. قال الخليل: بلغ الغلام الحنث إذا جرى عليه القلم والحنث الإثم، وقيل: المراد بلغ إلى زمان يؤخذ بيمينه إذا حنث. وقال الراغب: عبر بالحنث عن البلوغ لما كان الإنسان يؤخذ بما ارتكبه فيه بخلاف ما قبله، وخص الإثم بالذكر لأنه الذي يحصل بالبلوغ؛ لأن الصبي قد يثاب، وخص الصغير بذلك لأن الشفقة عليه أعظم والحب له أشد والرحمة له أوفر، وعلى هذا فمن بلغ الحنث لا يحصل لمن فقده ما ذكر من هذا الثواب، وإن كان في فقد الولد أجر في الجملة، وبهذا صرح كثير من العلماء وفرقوا بين البالغ وغيره بأنه يتصور منه العقوق المقتضي لعدم الرحمة، بخلاف الصغير فإنه لا يتصور منه ذلك إذ ليس بمخاطب، لكن قال الزين بن المنير والعراقي في شرح تقريب الأسانيد: بل يدخل البالغون في ذلك بطريق الفحوى؛ لأنه إذا ثبت ذلك في الطفل الذي هو كَلٌّ على أبويه فكيف لا يثبت في الكبير الذي بلغ معه السعي! ولا ريب أن التفجع على فقد الكبير أشد والمصيبة أعظم، لا سيما إذا كان نجيباً يقوم عن أبيه بأموره ويساعده في معيشته، وهذا معلوم مشاهد. قال الحافظ ويقوي الأول قوله في آخر حديث أنس: بفضل رحمته إياهم؛ لأن الرحمة للصغار أكثر لعدم حصول الإثم منهم-انتهى.
1745- قوله: (ما لعبدي) أي ليس لعبدي (جزاء) أي ثواب. (إذا قبضت صفيه) بفتح الصاد المهملة وكسر الفاء وتشديد التحتانية، وهو الحبيب المصافي، كالولد والأخ، وكل من يحبه الإنسان. قال في النهاية: صفي الرجل الذي يصافيه الود ويخلصه له، فعيل بمعنى فاعل أو مفعول، والمراد بالقبض قبض روحه وهو الموت. (من أهل الدنيا) قال الطيبي: إنما قيده بذلك ليؤذن بأن الصفي إذا كان من أهل الآخرة كان جزاؤه وراء الجنة وهو رضوان

الصفحة 472