كتاب مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (اسم الجزء: 5)
فذلك قوله تعالى: {فما بكت عليهم السماء والأرض} ) . رواه الترمذي.
1749- (14) وعن ابن عباس، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من كان له فرطان من أمتي أدخله الله بهما الجنة، فقالت عائشة: فمن كان له فرط من أمتك؟ قال: ومن كان له فرط يا موفقة! فقالت: فمن لم يكن له فرط من أمتك؟ قال: فأنا فرط أمتي، لن يصابوا بمثلي)) . رواه الترمذي.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
مخالفته لظاهر العقول، كذا في المرقاة. (فذلك) أي مفهوم الحديث أو مصداقه (قوله تعالى) في سورة الدخان: {فما بكت عليهم السماء والأرض} بقية الآية {وما كانوا منظرين} [الدخان:29] . قال ابن كثير: أي لم تكن لهم أعمال صالحة تصعد في أبواب السماء فتبكي على فقدهم، ولا لهم في الأرض بقاع عبدوا الله تعالى فيها فقدتهم، فلهذا استحقوا أن لا ينظروا ولا يؤخروا لكفرهم وإجرامهم وعتوهم وعنادهم. (رواه الترمذي) في تفسير سورة الدخان، وقال: حديث غريب، وأخرجه أبويعلى وابن أبي حاتم وغيرهما، وفي سنده عندهم موسى بن عبيدة الربذي ويزيد بن إبان الرقاشي، قال الترمذي: يضعفان في الحديث-انتهى. وفي الباب عن شريح بن عبيد الحضرمي مرسلاً مرفوعاً عند ابن جرير، وعن علي عند ابن أبي حاتم، وعن ابن عباس عند ابن جرير موقوفاً من قولهما، ذكر ذلك ابن كثير في تفسيره.
1749- قوله: (من كان له فرطان) بفتحتين أي ولدان لم يبلغا أوان الحلم بل ماتا قبله، يقال: فرط إذا تقدم وسبق فهو فارط. والفرط هنا الولد الذي مات قبله، فإنه يتقدم يهنئ لوالديه نزلاً ومنزلاً في الجنة، كما يتقدم فراط القافلة إلى المنازل، فيعدون لهم ما يحتاجون إليه من الماء والمرعى وغيرهما. قال الطيبي: الفرط بالتحريك من يتقدم القافلة، فيطلب الماء والمرعى، ويهيئ لهم ما يحتاجون إليه في المنزل، فعل بمعنى فاعل يستوي فيه الواحد والجميع مثل تبع وتابع. المعنى الطفل المتوفى يتقدم والديه، فيهئ لهما في الجنة منزلاً ونزلاً، كما يتقدم فراط القافلة، فيعدون لهم ما يفتقرون إليه من الأسباب، ويهيئون لهم المنازل. (من أمتي) بيان لمن. (فمن كان له فرط من أمتك) أي فما حكمه أو فهل له هذا الثواب؟ (قال: ومن كان له فرط) أي فكذلك. (يا موفقة) أي في الخيرات وللأسئلة الواقعة موقعها شفقة على الأمة. وقيل: أي الحريصة على تعلم الشرائع. وقال الطيبي: يعني وفقك الله تعالى للسؤال، حتى تفضل على العباد، وسهل عليهم حصول ذلك المعنى من ولد واحد، حتى يفضل من لا ولد له بفرط مثلي، ونعم الفارط أنا. (فمن لم يكن له فرط من أمتك) أي فما حاله. (فأنا فرط أمتي) أي سابقهم وإلى الجنة بالشفاعة سائقهم، بل أنا أعظم من كل فرط، فإن الأجر على قدر المشقة. (لن يصابوا) أي أمتي. (بمثلي) أي بمثل مصيبتي لهم، فإن مصيبتي أشد عليهم من سائر المصائب، فأكون أنا فرطهم. (رواه الترمذي)
الصفحة 476
560