كتاب مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (اسم الجزء: 5)
متفق عليه.
1756- (21) وعن عبد الله بن أبي مليكة، قال: ((توفيت بنت لعثمان بن عفان بمكة، فجئنا لنشهدها، وحضرها ابن عمر وابن عباس، فإني لجالس بينهما، فقال عبد الله بن عمر لعمرو بن عثمان وهو مواجهه: ألا تنهى عن البكاء؟
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الحديث إلا في هذا المورد، وقد ثبت بألفاظ مختلفة وبروايات متعددة عنه وعن غيره غير مقيدة بل مطلقة، دخل هذا الخصوص تحت ذلك العموم، فلا منافاة ولا معارضة، فيكون اعتراضها بحسب اجتهادها-انتهى. وتقدم قول القرطبي: إن إنكار عائشة ذلك وحكمها على الراوي بالتخطئة أو النسيان، أو على أنه سمع بعضاً ولم يسمع بعضاً بعيد؛ لأن الرواة لهذا المعنى من الصحابة كثيرون وهم جازمون، فلا وجه للنفي مع إمكان حمله على محمل صحيح-انتهى. (متفق عليه) واللفظ لمسلم، وأخرجه مالك والترمذي والنسائي وأبوعوانة والبيهقي.
1756- قوله: (وعن عبد الله بن أبي مليكة) بالصغير. (بنت لعثمان بن عفان) هي أم أبان، كما صرح به في مسند أحمد وصحيح مسلم والنسائي. (لنشهدها) أي لنحضر صلاتها ودفنها. (وحضرها ابن عمر) بن الخطاب. (وابن عباس) أي وقد حضراها أيضاً، وفي رواية لمسلم: فحضرها ابن عمر وابن عباس. (فإني لجالس بينهما) أي بين ابن عمر وابن عباس. قال الطيبي: الظاهر أن يقال "وإني لجالس" ليكون حالاً، والعامل حضر، والفاء تستدعي الاتصال بقوله: "فجئنا لنشهدها" نقله السيد جمال الدين. قلت: قوله: "فإني لجالس" كذا في جميع النسخ الموجودة الحاضرة عندنا، وكذا نقله الجزري في جامع الأصول (ج11:ص399) . ووقع في الصحيحين "وإني لجالس" بالواو. وقال ابن حجر: قوله "فإني لجالس" عطف على "فجئنا". وقال القاري: الأظهر أن الفاء دخلت على مقدر، تقديره فبعد حضورها إني لجالس بينهما إشعاراً بكمال الاطلاع على ما نقل عنهما. (لعمرو بن عثمان) أخيها، وهو عمرو بن عثمان بن عفان الأموي يكنى أبا عثمان، مدني ثقة من كبار التابعين. قال الزبير بن بكار: كان أكبر ولد عثمان الذي أعقبوا، وإن معاوية زوجه لما ولي الخلافة ابنته رملة. (وهو) أي ابن عمر. (مواجهه) أي مقابل ابن عثمان. (ألا تنهى) النساء. (عن البكاء) أي بالصياح والنياح. وفي رواية لمسلم وأحمد عن ابن مليكة قال: كنت جالساً إلى جنب ابن عمر، ونحن ننتظر جنازة أم أبان بنت عثمان، وعنده عمرو بن عثمان، فجاء ابن عباس يقوده قائد، فأراه أخبره بمكان ابن عمر، فجاء حتى جلس إلى جنبي فكنت بينهما، فإذا صوت من الدار. وفي رواية النسائي والحميدي: فبكى النساء، فظهر السبب في قول ابن عمر لعمرو بن عثمان ما قال. والظاهر أن المكان الذي جلس فيه ابن عباس كان أوفق له من الجلوس يجنب ابن عمر، أو اختار أن لا يقيم ابن أبي مليكة من
الصفحة 487
560