كتاب مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (اسم الجزء: 5)

كنت؟)) . رواه الترمذي، وقال: هذا حديث غريب حسن.
1761- (26) وعن أبي هريرة، قال: ((مات ميت من آل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فاجتمع النساء يبكين عليه، فقام عمر ينهاهن ويطردهن، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: دعهن يا عمر فإن العين دامعة، والقلب مصاب، والعهد قريب)) رواه أحمد، والنسائي.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كما في قوله: {ذق إنك أنت العزيز الكريم} . وفيه حديث النعمان دليل على تحريم الندية والنياحة على الميت الحقيقي وعلى المشرف على الموت. (رواه الترمذي) وأخرجه أحمد (ج4ص414) بلفظ: الميت يعذب ببكاء الحي عليه، إذا قالت النائحة: وا عضداه وا ناصراه وا كاسياه، جبذ الميت وقيل له: أنت عضدها أنت ناصرها أنت كاسيها؟ وأخرجه ابن ماجه بلفظ: يتعتع به ويقال: أنت كذلك. وقوله: يتعتع على بناء المفعول من تعتعت الرجل إذا عنفه وأقلقته، كذا في الصحاح. والعنف هو الأخذ بمجامع الشيء وجره بقهر. وأخرجه الحاكم بنحوه وقال: صحيح الإسناد. قال الحافظ في الفتح والتلخيص بعد ذكر حديث أبي موسى من رواية أحمد والترمذي والحاكم: وشاهده ما روى البخاري في المغازي من صحيحه من حديث النعمان بن بشير، فذكر لفظه، وفي الباب عن عبد الله بن عمر أخرجه الطبراني في الكبير، وعن معاذ بن جبل أخرجه الطبراني في الكبير، وعن معاذ بن جبل أخرجه الطبراني أيضاً، ذكرهما الهيثمي في الزوائد (ج3ص14- 15) ، والمنذري في الترغيب وقالا: في الأول الأعمش لم يدرك ابن عمر، وفي الثاني الحسن لم يدرك معاذاً.
1761- قوله: (مات ميت من آل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) هي زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما سيأتي في الحديث الآتي. (يبكين عليه) أي على الميت من غير نياحة. (دعهن) أي اتركهن. (فإن العين دامعة) أي بالطبع والجبلة البشرية. قال السندي: فيه أن بكاءهن كان بدمع العين لا بالصياح، فلذلك رخص في ذلك، وبه يحصل التوفيق بين أحاديث الباب. (والقلب) بالنصب والرفع. (مصاب) أي أصابه المصيبة فلا بد له من أن يحزن، فهو السبب في بكاء العين. (والعهد) أي زمان المصيبة. (قريب) أي منهن فالصبر صعب عليهن. قال الطيبي: كان من الظاهر أن يعكس الترتيب؛ لأن قرب العهد مؤثر في القلب بالحزن، والحزن مؤثر في البكاء، ولكن قدم ما يشاهد، ويستدل به على الحزن الصادر من قرب، وفيه أنهن لم يكن يزدن على البكاء النياحة والجزع-انتهى. وقال القاري الظاهر أن بكاءهن كان بصوت لكن لا برفعه، فنهاهن عمر سداً لباب الذريعة حتى لا ينجر إلى النياحة المذمومة، فأمره عليه الصلاة والسلام بتركهن، وأظهر عذراً لهن في أفعالهن-انتهى. والظاهر عندي هو ما قاله الطيبي والسندي. (رواه أحمد والنسائي) وأخرجه ابن ماجه وابن حبان والبيهقي (ج4ص70) أيضاً، ولفظ ابن ماجه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في جنازة فرأى عمر امرأة. (أي باكية) فصاح بها. (لتنتهي عنه) فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:

الصفحة 497