كتاب مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (اسم الجزء: 5)

1762- (27) وعن ابن عباس، قال: ((ماتت زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبكت النساء، فجعل عمر يضربهن بسوطه، فأخره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده، وقال: مهلاً يا عمر! ثم قال: إياكن ونعيق الشيطان، ثم قال: إنه مهما كان من العين ومن القلب، فمن الله عزوجل
ـــــــــــــــــــــــــــــ
دعها يا عمر، فإن العين دامعة، والنفس مصابة، والعهد قريب، ذكره الحافظ في التلخيص، وسكت عنه، ونقل السندي في حاشيته ابن ماجه عن الحافظ أنه قال في الفتح: رجاله ثقات.
1762- قوله: (ماتت زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) وقع في رواية عند أحمد والبيهقي وابن سعد: رقية بنت رسول الله بدل زينب، وهو خطأ، والصواب زينب، وهي أكبر بناته - صلى الله عليه وسلم -، وأول من تزوج منهن، ولدت قبل البعثه بمدة. قيل: إنها عشر سنين، وتزوجها ابن خالتها أبوالعاص بن الربيع العبشمي، وأمه هالة بنت خويلد، أسلمت زينب وهاجرت حين أبى زوجها أبوالعاص أن يسلم، وولدت من أبي العاص غلاماً اسمه علي مات وقد ناهز الاحتلام ومات في حياته، وجارية اسمها أمامة عاشت حتى تزوجها علي بعد فاطمة، وتوفيت زينب في أول سنة ثمان من الهجرة، وكان سبب موتها أنها لما خرجت من مكة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عدلها هبار بن الأسود ورجل آخر، فدفعها أحدهما فيما ذكروا، فسقطت على صخرة، فأسقطت واهراقت الدماء، فلم يزل بها مرضها حتى ماتت سنة (8) من الهجرة، وكان زوجها محباً فيها، وكانت وفاته بعدها بقليل. (فأخره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده) . في المسند (ج1ص238) : فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده. (مهلاً) بسكون الهاء، أي أمهلهن مهلاً أو أعطهن مهلاً. قال السيد: "مهلا" مصدر عامله محذوف، وقيل المَهْل والمَهَل الرفق التؤدة والتباطؤ، ويقال مَهْلاً وعلى مَهْل أي امهِل، وهو مصدر نائب مناب فعله يستوي فيه المذكر والمؤنث مفرداً ومثنى وجمعاً. (يا عمر) والمعنى لا تبادر حتى يتبين لهن الحكم. وفي رواية لأحمد (ج1ص335) : دعهن يبكين. (ونعيق الشيطان) أي صياحه بالنياحة، وأضيف إليه لحمله عليه، من نعق الراعي بغنمة دعاها لتعود إليه، ومنه قوله تعالى: {كمثل الذي ينعق} [البقرة: 171] . (ثم قال) أي النبي - صلى الله عليه وسلم - مبيناً له أتم البيان. (إنه) أي الشأن. (مهما كان) في القاموس: مهما بسيط لا مركب من "مه وما" ولا من "ماما" خلافا لزاعميها-انتهى. واختلف في أنها اسم شرط أو حرف شرط، وهو في هذا المقام ظرف لفعل الشرط، أي مهما كان البكاء. (من العين) أي من الدمع. (ومن القلب) أي من الحزن. (فمن الله عز وجل) أي محمود ومرضي من جهة وصادر من خلقته. وقال الطيبي: "مهما" حرف الشرط تقول مهما تفعل افعل. قيل: إن أصلها "ماما" فقلبت الألف الأولى هاء،

الصفحة 498