كتاب مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (اسم الجزء: 5)

1769- (34) وعن معاذ بن جبل، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما من مسلمين يتوفى لهما ثلاثة، إلا أدخلهما الله الجنة بفضل رحمته إياهما، فقالوا: يا رسول الله! أو اثنان؟ قال: أو اثنان. قالوا: أو واحد؟ قال: أو واحد. ثم قال: والذي نفسي بيده إن السقط ليجر أمه بسرره إلى الجنة إذا احتبسته)) . رواه أحمد، وروى ابن ماجه من قوله: ((والذي نفسي بيده)) .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
1769- قوله: (ما من مسلمين) على صيغة التثنية أي من الوالدين. (ثلاثة) أي من الولد من البنين والبنات. (إلا أدخلهما) أي الوالدين المسلمين. (بفضل رحمته إياهما) أي بفضل رحمة الله تعالى للوالدين. وهذا صريح في أن المراد بقوله "إياهما" الأبوان لا الأولاد. وورد بعض الأحاديث بما يدل على أن المراد بفضل رحمة الله للأولاد، ففي حديث أنس عند ابن ماجه: ما من مسلمين يتوفى لهما ثلاثة من الولد، لم يبلغوا الحنث إلا أدخلهم الله. (أي الأبوين والأولاد) بفضل رحمة الله إياهم. ورواه أحمد (ج6ص376) والطبراني في الكبير من حديث أم سليم، والنسائي من حديث أبي ذر، وفي حديث أبي ثعلبة الأشجعي عند أحمد (ج6ص396) والطبراني في الكبير برجال ثقات: من مات له ولدان في الإسلام أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهما. وفي حديث عمرو بن عبسة عند أحمد (ج4ص386) : من ولد له ثلاثة أولاد في الإسلام فماتوا قبل أن يبلغوا الحنث. أدخله الله الجنة برحمته إياهم. وللطبراني. إلا أدخله الله برحمته هو وإياهم. (أو اثنان) عطف على ثلاثة عطف التماس. (قال: أو واحد) هذا صريح في أن للواحد حكم الاثنين والثلاثة. (ثم قال) أي تتميماً ومبالغة في ثواب الولد. (إن السقط) بكسر السين أكثر وأشهر من الضم والفتح، وهو ولد يسقط من بطن أمه قبل تمامه. (ليجر أمه) بضم الجيم ليسحبها. (بسرره) بفتحتين وتكسر السين، هو ما تقطعه القابلة، وهو السر بالضم أيضاً. وأما السرة فهي ما يبقى بعد القطع. وقال الجزري في النهاية: السرر ما يبقى بعد القطع مما تقطعه القابلة. (إلى الجنة) قال الطيبي: هذا تتميم ومبالغة للكلام السابق، ومن ثم صدره - صلى الله عليه وسلم - بالقسم، أي إذا كان السقط الذي لا يؤبه به يجر الأم بما قد قطع من العلاقة بينهما، فكيف الولد المألوف الذي هو فلذة الكبد. (إذا احتبسته) أي صبرت عليه طلباً للأجر من الله تعالى. (رواه أحمد) أي من أول الحديث (ج5ص241) ، وأخرجه أيضاً الطبراني في الكبير. (وروى ابن ماجه من قوله: والذي نفسي بيده) أي إلى آخر الحديث، وفي سنده عندهم يحيى بن عبيد الله التيمي. قال الهيثمي: لم أجد من وثقه ولا جرحه-انتهى. ونقل السندي عن البوصيري أنه قال في الزوائد: في إسناده يحيى بن عبيد الله بن موهب، وقد اتفقوا على ضعفه، والله اعلم-انتهى. قلت يحيى بن عبيد الله بن موهب التيمي قال فيه يعقوب بن سفيان: لا بأس به إذا روى عن ثقة. وقال الساجي: فيجوز في الزهد وفي الرقائق،

الصفحة 504