كتاب مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (اسم الجزء: 5)
فيحدث لذلك استرجاعاً، إلا جدد الله تبارك وتعالى له عند ذلك، فأعطاه مثل أجرها يوم أصيب بها)) رواه أحمد، والبيهقي في شعب الإيمان.
1775- (40) وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا انقطع شسع أحدكم فليسترجع، فإنه من المصائب)) .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
زمانها و"إن" وصلية. (فيحدث) أي يحدد. (لذلك) أي عند تذكر تلك المصيبة، فاللام للتوقيت. (استرجاعاً) بالقول أي يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون قولاً جديداً وقت التذكر. (إلا جدد الله تبارك وتعالى له عند ذلك) أي أثبت الله له عند الاسترجاع ثواباً جديداً، بينه قوله: {فأعطاه مثل أجرها} أي مثل ثواب تلك المصيبة. (يوم أصيب بها) أي وقت ابتلائه بتلك المصيبة ابتداء وصبره وتسليمه بقضائه تعالى. وفيه دليل على أن استرجاع المصاب عند ذكر المصيبة يكون سبباً لاستحقاقه لمثل الأجر الذي كتبه الله له في الوقت الذي أصيب فيه بتلك المصيبة، وإن تقادم عهدها ومضت عليها أيام طويلة، وهذا فضل من الله تعالى ورحمة. (رواه أحمد) (ج1:ص201) . (والبيهقي) وأخرجه أيضاً الطبراني في الأوسط وابن ماجه ولفظه: من أصيب بمصيبة، فذكر مصيبته، فأحدث استرجاعاً وإن تقادم عهدها، كتب الله له من الأجر مثله يوم أصيب. والحديث إسناده ضعيف جداً فيه هشام بن زياد وهو هشام بن أبي هشام أبوالمقدام البصري، متروك. رواه عن أمه، ولا يعرف من هي. ونقل السندي عن الزوائد قال: "قد اختلف الشيخ هل هو (أي هشام) روى عن أبيه أو أمه"، وذكره ابن كثير في التفسير، وأشار إلى رواية ابن ماجه، ثم قال: "وقد رواه إسماعيل بن علية ويزيد بن هارون عن هشام بن زياد عن أبيه".
1775- قوله: (إذا انقطع شسع أحدكم) أي شسع نعله بكسر الشين المعجمة وسكون المهملة، زمام للنعل بين الإصبع الوسطى والتي تليها. وقال في النهاية: الشسع أحد سيور النعل، وهو ما يدخل بين الإصبعين. (الوسطى والتي تليها) ويدخل طرفه في الثقب الذي في صدر النعل المشدود في الزمام، والزمام السير الذي يعقد فيه الشسع. (فليسترجع) أي يقل: إنا لله وإنا إليه راجعون، وهو أمر ندب. (فإنه) أي انقطاع الشسع. وفي مجمع الزوائد والجامع الصغير نقلاً عن البزار "فإنها" أي بضمير المؤنث، وكذا وقع في الميزان. قال المناوي: أي هذه الحادثة التي هي انقطاع شسع النعل. (من المصائب) أي من جملتها. قال القاري: وروي أنه - صلى الله عليه وسلم - استرجع حين انطفأ سراج له: ولعل المراد من انقطاع الشسع أقل أفراد المصيبة. وقال ابن حجر: نبه بالشسع على ما فوقه بالأولى، وعلى ما دونه بطريق التساوي، فيسن ذكر الاسترجاع في الجميع.
الصفحة 508
560