كتاب مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (اسم الجزء: 5)
(8) باب زيارة القبور
{الفصل الأول}
1777- (1) عن بريدة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الطبراني أيضاً، وسنده ضعيف. والحديث الثاني أخرجه أيضاً أحمد (ص450) والحاكم (ج1:ص348) والبزار والطبراني في الكبير والأوسط. قال الحاكم: حديث صحيح على شرط البخاري، ووافقه الذهبي. وقال الهيثمي (ج10:ص68) بعد عزوه لأحمد والبزار والطبراني: ورجال أحمد رجال الصحيح غير الحسن بن سوار وأبي حلبس يزيد بن مسيرة، وهما ثقتان-انتهى.
(باب زيارة القبور) أي جوازها وفضلها وآدابها.
1777- قوله: (وعن بريدة) بضم الباء أي ابن الحصيب الأسلمي. (نهيتكم) أي قبل هذا، وفي صحيح مسلم: كنت نهيتكم، وكذا وقع في حديث أبي سعيد عند أحمد والبزار والحاكم، وفي حديث ثوبان عند الطبراني، وفي حديث ابن مسعود عند ابن ماجه، وسيأتي. (عن زيارة القبور فزوروها) قال القاري: الأمر للرخصة أو للاستحباب، وعليه الجمهور، بل ادعى بعضهم الإجماع، بل حكى ابن عبد البر عن بعضهم وجوبها-انتهى. وقال الحافظ في الفتح: في الحديث تصريح بجواز زيارة القبور. وفيه نسخ النهي عن ذلك. قال النووي تبعاً للعبدري والحازمي وغيرهما: اتفقوا على أن زيارة القبور للرجال جائزة، كذا أطلقوا، وفيه نظر؛ لأن ابن أبي شيبة وغيره روى عن ابن سيرين وإبراهيم النخعي والشعبي الكراهة مطلقاً، حتى قال الشعبي: لولا نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - لزرت قبر ابنتي، فلعل من أطلق أراد بالاتفاق ما استقر عليه الأمر بعد هؤلاء، وكان هؤلاء لم يبلغهم النسخ، والله أعلم. ومقابل هذا قول ابن حزم: إن زيارة القبور واجبة ولو مرة واحدة في العمر لورود الأمر به. قال الشوكاني: وهذا يتنزل على الخلاف في الأمر بعد النهي هل يفيد الوجوب أو مجرد الإباحة فقط. والكلام في ذلك مستوفى في الأصول-انتهى. واختلف في النساء، فقيل: دخلن في عموم الإذن. وقيل: هو مخصوص بالرجال، كما هو الظاهر من الخطاب، لكن عموم علة التذكير الواردة في الأحاديث قد تؤيد عموم الحكم، إلا أن يمنع كونه تذكرة في حق النساء لتمكن غفلتهن، وسيأتي تفصيل الكلام عليه في الفصل الثالث. قيل: سبب النهي عن زيارة القبور في أول الأمر كانوا حديث عهد بالجاهلية وقريب عهد بعبادة الأوثان ودعاء الأصنام، فنهوا عن زيارة القبور خشية أن يقولوا أو يفعلوا عندها ما كانوا يعتادونه في الجاهلية، وخوفاً من أن يكون ذلك ذريعة لعبادة أهل القبور
الصفحة 510
560