كتاب مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (اسم الجزء: 6)

رواه البخاري
1790- (4) وعن أبي ذر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((ما من رجل يكون له إبل أو بقر
أو غنم لا يؤدي حقها، إلا أتى بها يوم القيامة أعظم ما يكون وأسمنه، تطأه بأخفافها،
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وظاهر الحديث أنه الكل. ويمكن أن يقال المراد في القرآن ما بخلوا بزكاته وهو كل المال، والله تعالى أعلم بحقيقة الحال. ثم لا تنافي بين هذا وبين قوله تعالى: {والذين يكنزون الذهب والفضة} [الآية التوبة:34] إذ يمكن أن يجعل بعض أنواع المال طوقاً، وبعضها يحمى عليه في نار جهنم، أو يعذب حينا بهذه الصفة وحينا بتلك الصفة، والله أعلم - انتهى. وقال الحافظ: المراد بالمال (أي في الحديث) الناض. ولا تنافي بين روايتي أبي هريرة يعني هذه الرواية التي نحن في شرحها، والرواية السابقة بلفظ: ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمى عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه الخ. لإحتمال إجتماع الأمرين معا، فهذه الرواية توافق الآية التي ذكرها، وهي سيطوقون، والرواية السابقة توافق قوله تعالى: {يوم يحمى عليها في نار جهنم} [الآية- التوبة:35] وقال العيني: في الحديث ما يدل على قلب الأعيان، وذلك في قدرة الله تعالى بين لا ينكر. وفيه أن لفظ ما لا بعمومه يتناول الذهب والفضة وغيرهما من الأموال الزكوية (رواه البخاري) في الزكاة والتفسير وترك الحيل، وأخرجه أيضا مالك والنسائي وابن حبان والبيهقي (ج4:ص81) ولكن وقفه مالك على أبي هريرة ولم يرفعه. وهذا الحديث جعله أبوالعباس الطرقي والذي قبله حديثاً واحدا ولا يخفى ما فيه. وذكره المنذري في الترغيب والترهيب، ثم قال رواه البخاري والنسائي ومسلم، وقد وهم في نسبته لصحيح مسلم فإنه لم يروه بذلك، وقد نقله ابن كثير في التفسير عن البخاري، وقال تفرد به البخاري دون مسلم. وفي الباب عن ابن مسعود عند أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة وسيأتي، وعن جابر عند أحمد ومسلم والنسائي، وعن ابن عمر عند أحمد والنسائي، وعن ثوبان عند البزار والطبراني وابن خزيمة وابن حبان.
1790- قوله: (ما من رجل يكون له إبل أو بقر أو غنم) أو للتقسيم (لا يؤدي حقها) هذا لفظ البخاري. وفي رواية مسلم: لا يؤدي زكاتها (إلا أتى بها) بضم الهمزة على صيغة المجهول (أعظم ما تكون) بالتأنيث. "وأعظم" بالنصب على الحال "وما" مصدرية (وأسمنه) عطف على المنصوب السابق، والضمير راجع إلى لفظ ما (تطأه بأخفافها) أي تدوسه ذوات الأخفاف بأرجلها، وهذا راجع للإبل، لأن الخف مخصوص بها، كما أن الظلف مخصوص بالبقر والغنم والظباء والحافر يختص بالفرس والبغل والحمار، والقدم للآدمي

الصفحة 19