كتاب مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (اسم الجزء: 6)

رواه مسلم.
1792- (6) وعن عبد الله بن أبي أوفى، قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه قوم بصدقتهم قال: ((اللهم صلى على آل فلان. فأتاه أبى بصدقته، فقال: اللهم صل على آل أبى أوفى)) .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أبي داود التي أشار إليها البيهقي من حديث جرير في الفصل الثاني من هذا الباب، ورواية البخاري من حديث أنس الذي ذكره النووي والسندي في الفصل الأول من "باب ما يجب فيه الزكاة" ويأتي هناك وجه الجمع بين الروايتين (رواه مسلم) في آخر الزكاة وأخرجه أيضا أحمد (ج4:ص360-364) والترمذي والنسائي وابن ماجه والبيهقي (ج4:ص136) .
1792- قوله: (وعن عبد الله بن أبي أوفى) بفتح الهمزة وسكون الواو وفتح الفاء مقصوراً، قد تقدم ترجمة عبد الله، وأما والده أبوأوفى فهو علقمة بن خالد بن الحرث الأسلمي، مشهور بكنيته، شهد هو وابنه عبد الله بيعة الرضوان تحت الشجرة، وعمر عبد الله إلى أن كان آخر من مات من الصحابة بالكوفة، وذلك سنة سبع وثمانين (إذا أتاه قوم بصدقتهم) أي بزكاة أموالهم (اللهم صلى على آل فلان) أي اغفر له وارحمه. قال العيني: كذا في رواية الأكثريين. وفي رواية أبي ذر: صل على فلان -انتهى. والمعنى واحد. لأن الآل يطلق على ذات الشئ. وقيل: لفظ الآل مقحم يدل عليه الرواية الآتية (فأتاه أبى) أبوأوفى (على آل أبى أوفى) يريد أباأوفى نفسه، لأن الآل يطلق على ذات الشيء كقوله في قصة أبي موسى: لقد أوتي مزماراً من مزامير آل داود، يريد داود نفسه. وقيل: لا يقال ذلك إلا في حق الرجل الجليل القدر. وقال القاري: الظاهر أن الآل مقحم يدل عليه الرواية الآتية: اللهم صلى عليه، أو المراد هو وأهل بيته فيعم الدعاء، لأنه إذا دعى لآله لأجله، فهو يستحق الدعاء بطريق الأولى -انتهى. وهذا الدعاء منه صلى الله عليه وسلم امتثال لقوله تعالى: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصلى عليهم إن صلاتك سكن لهم} [التوبة:103] فإنه أمره الله بالصلاة عليهم ففعلها بلفظها حيث قال: اللهم صل على آل أبى أوفى. ولفظ الصلاة: بحتم، بل غيره من الدعاء ينزل منزلته، مثل أن يقول آجرك الله فيما أعطيت، وبارك لك فيما أبقيت، أو يقول اللهم أغفرله وتقبل منه ونحو ذلك. والدليل عليه ما رواه النسائي والبيهقي من حديث وائل بن حجر أنه - صلى الله عليه وسلم - قال في رجل بعث بناقة حسنة في الزكاة: اللهم بارك فيه وفي إبله. وفي الحديث دليل على أنه يستحب الدعاء عند أخذ الصدقة لمعطيها. وقال بعض أهل الظاهر: بوجوب ذلك على الإمام، وحكاه أبوعبد الله الحناطي بالحاء المهملة وجهاً لبعض الشافعية. وكأنهم أخذوه من الأمر في الآية. وأجيب بأنه لو كان واجباً لعلمه النبي صلى الله عليه وسلم السعى ولم ينقل. وفيه أن وجوب الدعاء كان معلوماً لهم من الآية الكريمة،

الصفحة 21