كتاب مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (اسم الجزء: 6)

فقيل: منع ابن جميل، وخالد بن الوليد، والعباس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما ينقم ابن جميل إلا أنه كان فقيرا فأغناه الله ورسوله،?
ـــــــــــــــــــــــــــــ
العهدية. وقال النووي: إنه الصحيح المشهور. ويؤيده قوله: "بعث عمر على الصدقة" فهو مشعر بأنها صدقة الفرض، لأن صدقة التطوع لا تبعث عليها السعاة - انتهى. (فقيل) القائل هو عمر رضي الله عنه، لأنه هو المرسل. ويؤيده رواية الدارقطني من حديث ابن عباس، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث عمر ساعياً، فأتى العباس فأغلط له، فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إن العباس قد أسلفنا زكاة ماله- الحديث. (منع ابن جميل) بفتح الجيم وكسر الميم، قال ابن مندة: لم يعرف اسمه، ومنهم من سماه حميداً. وقيل: اسمه عبد الله، وذكره الذهبي في تجريده (ج2 ص225) فيمن عرف بأبيه ولم يسم. وقال الحافظ في الفتح: لم أقف على اسمه في كتب الحديث (وخالد بن الوليد) بالرفع عطف على ابن جميل، وهو خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم القرشي، أبو سليمان سيف الله، وأمه لبابة الصغرى أخت ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، كان أحد أشراف قريش في الجاهلية، وكان إليه أعنة الخيل في الجاهلية، وشهد مع كفار قريش الحروب إلى عمرة الحديبية والفتح، وشهد مؤته، ويومئذٍ سماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سيف الله، وشهد الفتح وحنيناً. واختلف في شهوده خيبر، روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعنه ابن خالته ابن عباس وجابر بن عبد الله والمقدام بن معديكرب وغيرهم. استعمله أبوبكر على قتال أهل الردة ومسليمة، ثم وجهه إلى العراق ثم إلى الشام، وهو أحد أمراء الأجناد الذين ولوا فتح دمشق. قال الزبير بن بكار: كان ميمون النقيبة، ولما هاجر لم يزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوليه الخيل، ويكون في مقدمته. وقال ابن سعد: كان يشبه عمر في خلقته وصفته. ولما نزل الحيرة قيل له: أحذر السم لا تسقيكه الأعاجم، فقال: ائتوني به فأخذه بيده. وقال: بسم الله وشربه، فلم يضره شيئاً. قال ابن سعد وابن نمير: مات بحمص سنة (21) ، وقال دحيم. وغيره. مات بالمدينة. وقيل: مات سنة (22) ويروى أنه لما حضرته الوفاة بكى. وقال: لقيت كذا وكذا زحفاً. وما في جسدي شبر إلا وفيه ضربة بسيف أو طعنة برمح، وها أنا أموت على فراشي، فلا نامت أعين الجبناء. (والعباس) بالرفع عطفاً على وخالد. ووقع في رواية أبي عبيد (ص592) منع ابن جميل وخالد والعباس أن يتصدقوا، وهو مقدر ههنا لأن منع يستدعى مفعولاً أي منع هؤلاء التصدق يعني إعطاء الزكاة (فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) بيان لوجه امتناع هؤلاء من الإعطاء، فلذلك ذكره بالفاء (ما ينتقم ابن جميل) بكسر القاف من باب ضرب ما ينكر الزكاة (إلا أنه) أي لأجل أنه (أنه كان فقيراً فأغناه الله ورسوله) فجعل نعمة الله، وهو كونه أغناه الله بعد فقره سبباً لكفرها، مع أنه لا يصلح أن يكون علة لكفران النعمة، بل هو موجب للشكر، فعكس

الصفحة 25