كتاب مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (اسم الجزء: 7)

2051- (2) وعن أبي هريرة: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه)) . رواه مسلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
2051- قوله: (لا يحل للمرأة) أي المزوجة (أن تصوم) أي نفلاً أو واجباً على التراخي قاله القسطلاني وخصه البخاري بالتطوع وكأنه تلقاه من رواية الحسن بن علي عن عبد الرزاق، فإن فيها لا تصوم المرأة غير رمضان. وأخرج الطبراني من حديث ابن عباس مرفوعاً في أثناء حديث، ومن حق الزوج على زوجته أن لا تصوم تطوعاً إلا بإذنه. فإن فعلت لم يقبل منها (وزوجها شاهد) أي حاضر عندها مقيم في بلدها وفي رواية وبعلمها شاهد قال الحافظ: رواية بعلها أفيد، لأن ابن حزم نقل عن أهل اللغة أن البعل اسم للزوج والسيد، فإن ثبت وإلا الحق السيد بالزوج للإشتراك في المعنى يعني يلتحق به السيد بالنسبة لأمته التي يحل له وطيها (إلا بإذنه) أي تصريحاً أو تلويحاً، فيه دليل على تحريم الصوم المذكور عليها، وهو قول الجمهور. قال النووي: وسبب هذا التحريم إن للزوج حق الإستمتاع بها في كل الأيام وحقه فيه واجب على الفور فلا يفوته بتطوع ولا بواجب على التراخي، فإن قيل فينبغي أن يجوز لها الصوم بغير إذنه فإن أراد الإستمتاع بها كان له ذلك ويفسد صومها، فالجواب إن صومها يمنعه من الاستمتاع في العادة فإن المسلم يهاب إنتهاك الصوم بالإفساد، ولا شك أن الأولى له خلاف ذلك إن لم يثبت دليل كراهة، نعم لو كان مسافراً فمفهوم الحديث في تقييده بالشاهد يقتضي جواز التطوع لها، إذا كان زوجها مسافراً، لأنه لا يتأتى منه الاستمتاع إذا لم تكن معه وفي معنى الغيبة أن يكون مريضاً بحيث لا يستطيع الجماع. قال القاري: ظاهر الحديث إطلاق منع صوم النفل فهو حجة على الشافعية في إستثناء نحو عرفة وعاشوراء. قال شيخنا: الأمر كما قال القاري: وإنما لم يلحق بالصوم صلاة التطوع لقصر زمنها وفي معنى الصوم الاعتكاف لا سيما على القول بأن الاعتكاف لا يصح بدون الصوم، قال ولا يبعد أن يحمل قوله "لا يحل على معنى" لا ينبغي أن تصوم قضاء رمضان أو قضاء صوم النفل إذا كان الوقت متسعاً ليكون مناسباً لعنوان الباب-انتهى. قلت: عدم حل الصوم ظاهر في حرمته وهو يشمل ابتداء الصوم وقضاءه، فلا يجوز لها صوم النفل ولا قضاء الواجب إذا كان الوقت متسعاً إلا بإذن زوجها، وفي الحديث إن حق الزوج آكد على المرأة من التطوع بالخير لأن حقه واجب، والقيام بالواجب مقدم على القيام بالتطوع. (ولا تأذن) قال القاري: بالنصب في النسخ المصححة عطفاً على تصوم أي ولا يحل لها أن تأذن أحداً من الأجانب أو الأقارب حتى النساء ولا مزيدة للتأكيد.

الصفحة 24