كتاب مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (اسم الجزء: 7)

2053- (4) وعن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من مات وعليه صوم صام عنه وليه)) متفق عليه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لأن عدم الأمر بالقضاء هنا قد ينازع في الاستدلال به على عدم الوجوب لاحتمال الاكتفاء بالدليل العام على وجوب القضاء والله أعلم. قال الشوكاني: نقل ابن المنذر والنووي وغيرهما إجماع المسلمين على أنه لا يجب على الحائض قضاء الصلاة ويجب عليها قضاء الصيام، وروى عبد الرزاق عن معمر أنه سأل الزهري عنه، فقال اجتمع الناس عليه، وحكى ابن عبد البر عن طائفة من الخوارج أنهم كانوا يوجبون على الحائض قضاء الصلاة، وعن سمرة بن جندب أنه كان يأمر به فانكرت عليه أم سلمة. قال الحافظ: لكن استقر الإجماع على عدم الوجوب كما قاله الزهري وغيره. وقال النووي: قال الجمهور من أصحابنا وغيرهم: وليست الحائض مخاطبة بالصيام في زمن الحيض، وإنما يجب عليها القضاء بأمر جديد (رواه مسلم) في كتاب الطهارة، وأخرجه البخاري في كتاب الحيض، وقد تقدم لفظه فالحديث متفق عليه فكان الأولى للمصنف أن يقول متفق عليه. واللفظ لمسلم وأخرجه أيضاً أحمد والترمذي وأبوداود وابن ماجه والدارمي في الطهارة والنسائي فيه وفي الصيام، والبيهقي في كتاب الحيض (ج1:ص308) وفي الصيام (ج4:ص236) .
2053-قوله (من مات) أي من المكلفين بقرينة قوله (وعليه صوم) لأن كلمة على للإيجاب والواو فيه للحال (صام عنه) أي عن الميت (وليه) قال ابن دقيق العيد: هذا الحديث دليل لعمومه على أن الولي يصوم عن الميت وإن النيابة تدخل الصوم، وذهب إليه قوم والذي عليه الأكثرون عدم دخول النيابة في الصوم لأنها عبادة بدنية. قال: وقوله "صام عنه وليه" ليس المراد أنه يلزمه ذلك، وإنما يجوز ذلك له إن أراد، هكذا ذكره صاحب التهذيب من الشافعية، وحكاه إمام الحرمين عن الشيخ أبي محمد أبيه، وفيه بحث وهو إن الصيغة صيغة خبر أعنى صام ويمتنع الحمل على ظاهره، فينصرف إلى الأمر ويبقى النظر في أن الوجوب يتوقف على صيغة الأمر المتعينة وهي أفعل مثلاً أو يعمها مع ما يقوم مقامها-انتهى. وقال الحافظ: قوله صام عنه وليه خبر بمعنى الأمر تقديره فليصم عنه وليه، وليس هذا الأمر للوجوب عند الجمهور، وبالغ إمام الحرمين ومن تبعه فادعوا الإجماع على ذلك وفيه نظر، لأن بعض أهل الظاهر أوجبه فلعله لم يعتد بخلافهم على قاعدته-انتهى. وقال العيني: أطلق ابن حزم (ج7:ص2) النقل عن الليث بن سعد وأبي ثور وداود أنه فرض على أوليائه أن يصوموه عنه هم أو بعضهم، وبه صرح القاضي أبوالطيب الطبري في تعليقه بأن المراد منه الوجوب، وجزم به النووي في الروضة من غير أن يعزوه إلى أحد. وزاد في شرح المهذب فقال أنه بلا خلاف.

الصفحة 27