كتاب مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (اسم الجزء: 7)

{الفصل الثاني}
2054- (5) عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((من مات وعليه صيام شهر رمضان فليطعم عنه مكان كل يوم مسكن)) رواه الترمذي، وقال: الصحيح أنه موقوف على ابن عمر.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
قال الحافظ: وهذا هو الراجح. وقيل: لا يختص بالولي، فلو أمر أجنبياً بأن يصوم عنه أجزأ كما في الحج. وقيل: يصح استقلال الأجنبي بذلك وذكر الولي لكونه الغالب وظاهر صنيع البخاري اختيار هذا الأخير، وبه جزم أبوالطيب الطبري وقواه بتشبيهه صلى الله عليه وسلم ذلك بالدين، والدين لا يختص بالقريب-انتهى. وقال الشوكاني: وظاهر الأحاديث أنه يصوم عنه وليه وإن لم يوص بذلك وإن من صدق عليه إسم الولي لغة أو شرعاً أو عرفاً صام عنه ولا يصوم عنه من ليس بولي، ومجرد التمثيل بالدين لا يدل على أن حكم الصوم كحكمه في جميع الأمور-انتهى. (متفق عليه) وأخرجه أيضاً أحمد وأبوداود والنسائي في السنن الكبرى والدارقطني (ص245) والبيهقي (ج4:ص255) والطحاوي في مشكل الآثار (ج2:ص139-140) .
2054- قوله: (فليطعم عنه) على بناء المفعول (مكان كل يوم) من أيام الصيام الفائتة (مسكن) كذا وقع في الرفع في جميع النسخ من المشكاة الموجودة عندنا، وكذا وقع في المصابيح، وفي التلخيص (ص196) ونصب الراية (ج2:ص464) والدراية (ص177) والمنتقى، وهكذا وقع في رواية ابن ماجه والبيهقي، ووقع في جامع الترمذي مسكيناً بالنصب، وهكذا نقله الجوزي في جامع الأصول (ج7:ص282) وابن قدامة في المغني (ج3:ص143) وعلى هذا يكون قوله فليطعم على بناء الفاعل أي فليطعم ولي من مات، وبهذا الحديث تمسك الحنفية والمالكية لكن بقيد إن أوصى، وبدون الوصية لا يلزم خلافاً للشافعي، فإنه يطعم عنده أوصى به أو لم يوص. قال القاري: لا بد من الإيصاء عندنا في لزوم الإطعام على الوارث خلافاً للشافعي، وإن أوصى فإنما يلزم الوارث إخراجه، إذا كان يخرج من الثلث، فإن زاد على الثلث لا يجب على الوارث، فإن أخرج كان متطوعاً عن الميت، ويحكم بجواز أجزاءه كذا قاله ابن الهمام. ولم يبين في هذه الرواية مقدار الطعام، وقد جاء عند البيهقي (ج4:ص254) من رواية شريك عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً أنه نصف صاع من بر، وبه أخذ الحنفية قالوا: أو صاع من غير البر أو قيمة أحداهما، لكن قال البيهقي هذه الرواية خطأ. وإنما قال ابن عمر مداً من حنطة، وروى من وجه آخر عن ابن أبي ليلى ليس فيه ذكر الصاع-انتهى. قلت: وبقول ابن عمر مداً من حنطة أخذ مالك والشافعي وأحمد، وحديث ابن عمر الذي نحن في شرحه ضعيف،

الصفحة 32