كتاب مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (اسم الجزء: 7)

2072- (17) وعنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تختصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم)) رواه مسلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ثالثها خوف المبالغة في تعظيمه فيفتتن به كما افتتن اليهود بالسبت قال الحافظ: وهو منتقض بثبوت تعظيمه بغير الصيام، وأيضا فاليهود لا يعظمون السبت بالصيام فلو كان الملحوظ ترك موافقتهم لتحتم صومه، لأنهم يصومونه، وقد روى النسائي وأبوداود وصححه ابن حبان من حديث أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم من الأيام السبت والأحد وكان يقول أنهما يوماً عيد للمشركين فأحب أن أخالفهم. رابعها خوف اعتقاد وجوبه. قال الحافظ: وهو منتقض بصوم الاثنين والخميس وسيأتي ذكر ما ورد فيهما. خامسها خشية أن يفرض عليهم كما خشي صلى الله عليه وسلم من قيامهم الليل ذلك. قال المهلب: وهو منتقض بإجازة صومه مع غيره، وبأنه لو كان كذلك لجاز بعده - صلى الله عليه وسلم - لارتفاع السبب. سادسها مخالفة النصارى لأنه يجب عليهم صومه، ونحن مأمورون بمخالفتهم. قال الحافظ: وهو ضعيف ولم يبين وجه الضعف قال. وأقوى الأقوال وأولاها بالصواب أولها، وورد فيه صريحاً حديثان، أحدهما رواه أحمد (ج2ص203) وابن خزيمة والبخاري في التاريخ الكبير والبزار والحاكم (ج1ص437) من طريق عامر بن لدين عن أبي هريرة مرفوعا يوم الجمعة يوم عيد، فلا تجعلوا يوم عيدكم يوم صيامكم إلا أن تصوموا قبله أو بعده. والثاني رواه ابن أبي شيبة بإسناد حسن عن عليَّ قال من كان منكم متطوعا من الشهر فليصم يوم الخميس، ولا يصم يوم الجمعة فإنه يوم طعام وشراب وذكر-انتهى. (متفق عليه) واللفظ لمسلم وأخرجه أيضاً أحمد والترمذي وأبوداود والنسائي في الكبرى وابن ماجه وابن خزيمة والحاكم (ج1ص437) والبيهقي (ج4ص302) وفي الباب عن جابر عند الشيخين والنسائي وابن ماجه وعن ابن عباس عند أحمد وعن بشير بن الخصاصية عند أحمد والطبراني وعن جنادة الأزدي عند أحمد والنسائي والحاكم، وعن أبي الدرداء عند النسائي والطبراني وعن عبد الله بن عمرو، عند النسائي وعن جويرية عند أحمد والبخاري وأبي داود.
2072- قوله: (لا تختصوا) من الاختصاص (ليلة الجمعة) "ليلة" منصوب على أنه مفعول به. قال الطيبي: الاختصاص لازم ومتعد، وفي الحديث متعد. قال المالكي: المشهور في اختص أن يكون موافقاً لخص في التعدي إلى مفعول وبذلك جاء قوله تعالى: {يختص برحمته من يشاء} [البقرة: 105] وقول عمر بن عبد العزيز ولا يختص قوما، وقد يكون اختص مطاوع خص فلا يتعدى كقولك خصصتك بالشيء فاختصصت به-انتهى.

الصفحة 76