كتاب مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (اسم الجزء: 7)

2042- (4) وعن أنس، قال: ((كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم: في السفر، فمنا الصائم ومنا المفطر، فنزلنا منزلا في يوم حار. فسقط الصوامون، وقام المفطرون فضربوا الأبنية وسقوا الركاب. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ذهب المفطرون اليوم بالأجر)) متفق عليه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وعن ابن عباس عند البزار والطبراني في الكبير وابن عدي وعن عبد الله بن عمر وعند الطبراني في الكبير، وعن عمار بن ياسر عند الطبراني أيضاً، وعن أبي هريرة عند ابن عدي. ذكر هذه الأحاديث الهيثمي (ج3ص161) والعيني (ج11ص48) مع الكلام عليها وروى بلفظ: ليس من أمبِرٍ اْمصيامٌ في اْمسَفَرٍٍ أخرجه أحمد (ج5ص434) وعبد الرزاق في مصنفه، والطبراني في معجمه من حديث كعب بن عاصم الأشعري. قال الزمخشري: هي لغة طي فإنهم يبدلون اللام ميما. وقال الجزري في جامع الأصول: (ج7ص546) الميم بدل من لام التعريف في لغة قوم من اليمن فلا ينطقون بلام التعريف ويجعلون مكانها الميم-انتهى. ورواه النسائي وابن ماجه والدارمي والطحاوي والبيهقي (ج4ص242) بلفظ: ليس من البر الصوم في السفر.
2042- قوله: (فمنا الصائم) أريد به الجنس (ومنا المفطر) وفي رواية فصام بعض وأفطر بعض. وفيه دليل على جواز الصوم في السفر لتقرير النبي صلى الله عليه وسلم للصائمين على صومهم (فنزلنا منزلا في يوم حار) وقع بعد هذا أكثر ناظلا صاحب الكساء ومنا من يتقي الشمس بيده (فسقط الصوامون) جمع صوام بفتح المهملة بصيغة المبالغة كذا في جميع النسخ من المشكاة، وهكذا وقع في المصابيح، والذي في صحيح مسلم فسقط الصُوام، وهكذا نقله الجزري في جامع الأصول (ج7ص259) والمنذري في الترغيب والحافظ في الفتح وكذا وقع في عمدة الأحكام، وكذا عند النسائي والطحاوي والبيهقي. والصوام بضم المهملة كحكام جميع صائم، أي عجزوا عن العمل، وما قدروا على قضاء حاجتهم. وقال القاري: أي ضعفوا عن الحركة ومباشرة حوائجهم لأجل ضعفهم (وقام المفطرون) أي بالخدمة (فضربوا الأبنية) أي نصبوا الخيام جمع بناء. والمراد البيوت التي يسكنها العرب في الصحراء كالخباء والقبة (وسقوا الركاب) بكسر الراء أي الإبل التي يسار عليها واحدها راحلة، ولا واحد لها من لفظها (ذهب المفطرون اليوم بالأجر) الوافر وهو أجر ما فعلوه من خدمة الصائمين بضرب الأبنية والسقي وغير ذلك لما حصل منهم من النفع المتعدي، ومثل أجر الصوام لتعاطيهم إشغالهم وإشغال الصوام. وأما الصائمون فحصل لهم أجر صومهم القاصر عليهم ولم يحصل لهم من الأجر ما حصل للمفطرين من ذلك. قال الحافظ: قوله بالأجر، أي الوافر وليس المراد نقص أجر الصوام بل المراد أن المفطرين حصل لهم أجر عملهم ومثل أجر الصوام لتعاطيهم إشغالهم.

الصفحة 8