كتاب المنار المنيف في الصحيح والضعيف - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

ولهذا قال الصحابة رضي الله عنهم: "إنّ اقتصادًا في سَبيل وسُنّة، خَير من اجتهاد في خِلاف سَبيل وسُنّة" (¬١).
فالعمل اليسير الموافق لمرضاة الربّ وسُنّة رسوله: أحب إلى الله تعالى من العمل الكثير، إذا خلا عن ذلك، أو عن بعضه.
ولهذا قال الله تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [الملك: ٢].
وقال: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (٧)} [الكهف: ٧].
وقال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [هود: ٧].
فهو سبحانه وتعالى إنما خَلق السموات والأرض، والموت والحياة، وزَيّن الأرض بما عليها ليَبْلُوَ عِباده أيهم أحسن عملًا، لا أكثر عملًا.
و"الأحسن" هو: الأخلص والأصوب، وهو الموافق لمرضاته ومحبته، دُون الأكثر الخالي من ذلك، فهو سبحانه وتعالى يُحب أن يُتعبّد له بالأرضى له، وإن كان قليلًا، دون الأكثر الذي لا يُرضيه، والأكثر الذي غيره أَرضى له منه.
ولهذا يكون العمَلان في الصورة واحدًا، وبينهما في الفضل -
---------------
= "صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه"، ولم يتعقبه الذهبي بشيء.
(¬١) انظر: الزهد للإمام أحمد ص (١٩٦)، شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي (١/ ٥٤).

الصفحة 12