كتاب المنار المنيف في الصحيح والضعيف - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

متغلبٌ بالباطل، مَلك بالظلم والتغلُّب والتحيُّل، فقَتل النُّفوس، وأباح حريم المسلمين، وسَبى ذراريهم، وأخذ أموالهم، وكان شرًّا على الملّة من الحجاج بن يوسف بكثير، وكان يُودع بَطن الأرض في القبور جماعة من أصحابه أحياءً، ويأمرهم أن يقولوا للناس: إنه المهدي، الذي بشر به النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم يَردم عليهم ليلًا؛ [لئلا] (¬١) يُكذّبوه بعد ذلك، وسمّى أصحابه- الجهميّة نُفاة صفات الرب، وكلامه، وعُلوه على خلقه، واستوائه على عرشه، ورُؤية المؤمنين له بالأبصار يوم القيامة-: الموحّدين، واستباح قَتل من خالفهم من أهل العلم والإيمان، وتَسمَّى بالمهدي المعصوم.

ثم خرج المهدي الملحد: عُبيد الله بن مَيمون القدّاح (¬٢)، وكان جَدُّه يهوديًّا من بنت مجوسي، فانتسب بالكذب والزور إلى أهل البيت، وادعى أنه المهدي الذي بشر به النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومَلك وتغلّب، واستفحل له أمره، إلى أن استولت ذريته الملاحدة المنافقون الذين كانوا أعظم الناس عداوة لله ولرسوله، على بلاد المغرب، ومصر، والحجاز، والشام، واشتدت غُربة الإسلام ومحنته ومُصيبته، وكانوا يدّعون الإلهية، ويدّعون أن للشريعة باطنًا يخالف ظاهرها.
وهم ملوك القرامطة الباطنية أعداء الدين فتستّروا [بالرفض] (¬٣) والانتساب إلى أهل البيت، ودانوا بدين أهل الإلحاد، ولم يزل أمرهم ظاهرًا إلى أن أنقذ الله الأمة، ونصر الإسلام بصلاح الدين يوسف بن
---------------
(¬١) ليست في الأصل، وهي من نسخة المعلمي.
(¬٢) الهالك سنة (٣٢٢)، وفيات الأعيان (٣/ ١١٧)، الأعلام (٤/ ١٩٧).
(¬٣) في الأصل: "بالروافض"، والتصويب من نسخة المعلمي.

الصفحة 154