كتاب المنار المنيف في الصحيح والضعيف - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

فتأمل هذا فإنه يُزيل عنك إشكالات كثيرة، ويُطلعك على سِرّ العمل والفضل، وأنّ الله سبحانه وتعالى أحكم الحاكمين، يضع فضله مَواضعه، وهو أعلم بالشاكرين.
ولا تلتفت إلى ما يقول -من غَلُظ حِجابه من المتكلمين والمتكلفين-: إنه يجوز أن يكون العملان مُتَساويين من جميع الوجوه، لا تفاضل بينهما، ويُثيب الله على أحدهما أضعاف أضعاف ما يُثيب على الآخر، بل يجوز أن يُثيب على أحدهما دون الآخر، بل يجوز أن يُثيب على هذا، ويُعاقب على هذا، مع فَرض الاستواء من كل وَجه.
وهذا قَول من ليس له فِقْه في أسماء الربّ وصِفاته وأفعاله، ولا فِقْه في شَرعه وأمره، ولا فِقْه في أعمال القلوب وحقائق الإيمان بالله، وبالله التوفيق.
إذا عَرفت ذلك: فلا يمتنع أن تكون الصلاة التي أوقعها فاعلها على وَجه الكمال، حتى أتى بسواكها، الذي هو مَطهرة لمجاري آي القرآن وذِكر الله، ومَرضاة الرّب واتّباع السُّنّة، والحرص على حِفظ هذه الحرمة الواحدة، التي أكثر النفوس تُهملها ولا تلتفت إليها، حتى كأنها غير مَشروعة ولا مَحبوبة، لكن عندها (¬١)، فحافظ عليها هذا المصلي وأتى بها توددًا وتحببًا إلى الله تعالى، واتباعًا لسنّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا يَبعد أن تكون صلاة هذا أحب إلى الله من سبعين صلاة تجرّدت عن ذلك، والله أعلم.
---------------
(¬١) كذا في الأصل: "ولا محبوبة لكن عندها"، وفي نسخة الشيخ الفقي رحمه الله ومن نشر هذا الكتاب بعده: "ولا محبوبة، لكنّ المصلي اعتدّها"، والذي أثبته المعلمي رحمه الله في نسخته: "ولا محبوبة لله فحافظ عليها هذا المصلي".

الصفحة 16