كتاب منهج الصحابة في دعوة المشركين من غير أهل الكتاب

يخرج من الدنيا" (¬١)، ويقول شيخ الإسلام: "إن التوحيد هو أصل الدين الذي لا يقبل الله من الأولين والآخرين ديناً غيره، وبه أرسل الرسل وأنزل الكتب" (¬٢).
ويقول سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله -: "إن التوحيد هو أصل دين الإسلام، وهو أساس الملة، وهو رأس الأمر وأهم الفرائض، وهو الحكمة من خلق الثقلين والحكمة من إرسال الرسل جميعاً إليهم" (¬٣).
ومن هنا كان الضابط الأساسي والأول في دعوة الصحابة جعل التوحيد هو الموضوع الرئيس في دعوتهم، وكما أن جميع أعمال الصحابة كانت تستمد من نهج الرسول - صلى الله عليه وسلم - فإن دعوتهم كانت على فهمٍ واقتباسٍ من هديه - صلى الله عليه وسلم -، بهذا الضابط بدأت دعوة الصحابة واعتمدت عليه، خصوصاً وأن المدعوين هم من المشركين الذين يفتقدون التوحيد الذي لا تصح عبادة بدونه، لذلك لم تخرج دعوتهم - رضي الله عنهم - من التوحيد، فكان هو المقياس والمعيار الذي تقاس به صحة هذه الدعوة من عدمها؛ فكل دعوة لا تشتمل على التوحيد صراحةً أو ضمناً هي دعوة باطلة.
ومن ذلك وصية النبي - صلى الله عليه وسلم - معاذ بن جبل - رضي الله عنه - عندما أرسله إلى اليمن ليدعوهم، قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما بعث معاذاً - رضي الله عنه - إلى اليمن قال: (إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، فإن هم أطاعوك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس
---------------
(¬١) شرح العقيدة الطحاوية، ابن أبي العز، ص ٢٦، ٢٧.
(¬٢) قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة، ابن تيمية، ص ١٩.
(¬٣) حراسة التوحيد، عبدالعزيز بن باز، ص ٥٣.

الصفحة 109