كتاب منهج الصحابة في دعوة المشركين من غير أهل الكتاب

إليه، وكانوا هم الطليعة الأولى من الدعاة بعد الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولم يقلدوا أحداً في علمه سوى من أرسله الله معلماً وهو الرسول - صلى الله عليه وسلم -. وكما أن الله - سبحانه وتعالى - قد اختارهم صحابة لنبيه فقد أراد بهم الخير، ومن هذا الخير ما رواه معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين ((¬١).
وبما أن الدعوة تعتمد على البصيرة، والبصيرة هي: "إدراك القلب والعقل لضوابط المسائل كما تدرك العين والبصر الأشياء، والبصيرة هذه هي العلم النافع" (¬٢)، إذن فالعلم هو من أهم الضوابط التي ينبغي على الدعاة تحصيله والعمل بموجبه، ولقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحرص على تعليم صحابته - رضي الله عنهم - أمور الدين كما يحرص على إرسالهم بعد تعليمهم لدعوة الناس، فهذا مصعب بن عمير - رضي الله عنه - أرسله الرسول - صلى الله عليه وسلم - معلماً أهل يثرب الدين بما عنده من علم بالقرآن. وهذا خباب بن الأرت - رضي الله عنه - يدعو عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في بيت سعيد بن زيد وأخته فاطمة - رضي الله عنها - اللذَين كان يعلمهما القرآن بما تعلمه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وفي دعوة أبي أمامة الباهلي - رضي الله عنه - لقومه يقول: "بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى قومي أدعوهم إلى الله - عز وجل - وأعرض عليهم شرائع الإسلام" (¬٣). وهنا نجد أن أبا أمامة - رضي الله عنه - كان لديه علم بما سيدعوهم إليه وذلك في قوله: "أعرض عليهم شرائع الإسلام"، فنجد أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أرسله لعلمه بالشرائع والأمر والنهي في الدين.
وكذلك في
---------------
(¬١) صحيح البخاري، كتاب العلم، باب العلم قبل القول والعمل، رقم ٧١، ص ١٧.
(¬٢) المرأة الداعية، صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ، ص ١٠.
(¬٣) المستدرك على الصحيحين، الحاكم، كتاب معرفة الصحابة، ذكر أبي أمامة الباهلي، رقم ٦٨٢٦، ٤/ ٣٦٩.

الصفحة 122