كتاب منهج الصحابة في دعوة المشركين من غير أهل الكتاب
"بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد: فأني لم أر أعجب من ذهاب رأيك عن الإسلام، وعقلك عقلك، ومثل الإسلام جهله أحد؟! وقد سألني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنك. فقال: (أين خالد؟ (فقلت: يأتي الله به، فقال: (ما مثله جهل الإسلام، ولو كان جعل نكايته وجده مع المسلمين على المشركين لكان خيراً له ولقدمناه على غيره (، فاستدرك يا أخي ما فاتك فقد فاتتك مواطن صالحة"، يقول خالد: فلما جاءني كتابه نشطت للخروج وزادني رغبة في الإسلام وسرني ما قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬١).
وبهذا فإن إحساس الوليد - رضي الله عنه - بثقة أخيه فيه أدت إلى كتابة هذا الكتاب له، مما كان له أثر في إسلام خالد بن الوليد - رضي الله عنه -، وهنا نجد أن القرابة كان لها دور في تعزيز الثقة بين المدعو والداعي، وذلك ما عرفه الصحابة - رضي الله عنهم - وأدى إلى دعوة أهليهم وأقاربهم.
د) توظيف عمل المعروف في الدعوة:
عمل المعروف عند العرب له قيمة كبيرة مما يوجب رد هذا الجميل عاجلاً أم آجلاً، وقد قال أبو الفتح البستي في قصيدة له طويلة هذا البيت:
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم ... فطالما استعبد الإنسان إحسان (¬٢)
كما أن من المعروف المعاملة الحسنة والرد على الإساءة بالإحسان والوجه الحسن وغيرها مما يتسبب في كسب قلوب الآخرين وميلهم إلى الداعي والاستماع منه، وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع المعروف، ففي قصة بدء الوحي عندما رجع إلى
---------------
(¬١) انظر: المغازي، الواقدي، ص ٥٠٨ - ٥٠٩.
(¬٢) جواهر الأدب في أدبيات وإنشاء لغة العرب، أحمد بن إبراهيم الهاشمي، ص ٧٦٢.