كتاب منهج الصحابة في دعوة المشركين من غير أهل الكتاب

والمدح نوعان: مدح مباح، ومدح مذموم، فالمدح المباح هو ما توافرت فيه الأمور الآتية:
١ - الصدق بما مدحه به.
٢ - عدم المبالغة ومجاوزة الحد.
٣ - الأمن من فتنة الممدوح.
أما المدح المذموم فهو ما انعدمت فيه ضوابط المدح المباح، فانعدم فيه الصدق أو صاحبَه النفاق أو اتخذه مهنة للتكسب، وزاد الممدوح بطراً وتكبراً وظلماً ورياءً (¬١)، وهو ما نهى عنه الرسول - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي بكرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه ذكر عنده رجل فقال رجل: يا رسول الله، ما من رجل بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفضل منه في كذا وكذا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ويحك، قطعت عنق صاحبك"، مراراً يقول ذلك (¬٢).
أما المدح المباح فقد مَدَح الرسول - صلى الله عليه وسلم - أصحابه في كثير من المواقف، فذَكَرَ فضل أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -، وموقف الشيطان من عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وقال عن عثمان "ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم" وغيرها.
لقد جبل الله - سبحانه وتعالى - الأنفس على حب المدح، يذكر الإمام الغزالي أن حب القلوب للمدح يقع لأربعة أسباب (¬٣):
---------------
(¬١) انظر: دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - للأعراب، حمود بن جابر الحارثي، ص ٢٤١ - ٢٤٣، ٢٤٥.
(¬٢) صحيح مسلم، كتاب الزهد، باب النهي عن المدح إذا كان فيه إفراط وخيف منه فتنة على الممدوح، رقم ٧٥٠٢، ص ١٢٩٦.
(¬٣) انظر: إحياء علوم الدين، أبو حامد الغزالي، ص ١٢٤٢ - ١٢٤٣.

الصفحة 338