كتاب منهج الصحابة في دعوة المشركين من غير أهل الكتاب

الفائدة الثانية: أن الوسائل تختلف عن الأساليب:
إن كثرة الخلط بين الوسيلة والأسلوب في كثير من المراجع جعلت القارئ قد لا يفرق بين الاثنين، إلا أن من تتبع مواصفات الأساليب وتعريفاتها، ومواصفات الوسائل وتعريفاتها يجد أن هناك اختلافاً واضحاً، إلا أنه متداخل، وذلك ما سبب الخلط بين الأسلوب والوسيلة، وأيضاً من أسباب الخلط أن الوسيلة لا يمكن أن تكون فعَّالة إن لم يكن هناك أسلوب يقوم بنقلها إلى الهدف، وإيصالها إليه، فارتباط كل منهما بالآخر، وعدم عمل أحدهما بدون الآخر جعل التمييز بينهما صعباً، ولو تأملنا قوله تعالى: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَامُوسَى (١٧) قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى} (¬١)، لوجدنا فيها بياناً للوسيلة والأسلوب، مما يفرق بين الاثنين، فقد قال موسى - عليه السلام -: إن التي بيده هي العصا، وهي وسيلة لكي يستخدمها بأسلوب الاتكاء عليها، والضرب بها على الشجر، وأيضاً هناك أساليب أخرى لاستخدامها.
ومن تأمل منهج الصحابة - رضي الله عنهم - يجد أنهم استخدموا كثيراً من الوسائل بأساليب مختلفة لإيصال دعوتهم، وقد تبين لنا من دراسة منهجهم الاختلاف والترابط بين الوسيلة والأسلوب.
---------------
(¬١) سورة طه، الآيتان: ١٧ - ١٨.

الصفحة 445