كتاب منهج الصحابة في دعوة المشركين من غير أهل الكتاب

بدون وسيلة، فهذا الترابط يبين أن الفصل بينهما يعني إلغاء لوجودهما الفعال العملي في أي أمر وبالأخص في أمور الدعوة.
وقد ربط الصحابة - رضي الله عنهم - الوسيلة بالأسلوب بطريقة عملية مع أنهم لم يأخذوها عن تعلم، إنما هي فطرة طبيعية لدى البشر جميعاً، وإن لم يقصدوا ذلك؛ لأن الحياة بمجملها تحتوي على وسائل وأساليب كثيرة لكي تسير بها أمو الحياة الطبيعية، فالدابة وسيلة نقل ولركوبها واستخدامها أسلوب، والطريق وسيلة وللسير فيه أسلوب، والبئر وسيلة ولأخذ الماء منه أسلوب ... إلخ. فلا يمكن الاستفادة من الوسيلة إن لم نستخدم الأسلوب المناسب معها للحصول على المنفعة المرجوة من هذه الوسيلة؛ لأنه بلا منفعة من الوسيلة فإنه لا قيمة لها، فقيمة كل شيء مرهون بمنفعته ومردوده على من يملكه أو يستخدمه.

الفائدة الخامسة: أن الوسائل والأساليب متغيرة وليست ثابتة:
إن الوسائل والأساليب ليست من الأمور الثابتة التي لا تتغير، إنما هي متغيرة بتغير أمور كثيرة، فمثلاً في حال تغير الزمان فإن الوسائل والأساليب تواكب ذلك الزمان، فوسائل الدعوة في بداية العهد الإسلامي تختلف عما هو الآن، وذلك بسبب الاختلاف التقني والمعلوماتي، كما أن تغير الأحوال أيضاً غيَّر من وسائل وأساليب الدعوة، فقد كانت الدعوة في مكة تختلف عن الدعوة في المدينة، كما أن الدعوة في الحرب تختلف عن الدعوة في السلم، فلكل وسيلته وأسلوبه.

الصفحة 447