كتاب منهج الصحابة في دعوة المشركين من غير أهل الكتاب
مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} (¬١)، يقول تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} (¬٢) " (¬٣)، وفي هذا القول شرح موجز وبليغ لوصف القرآن الكريم، وقد جعل الصحابة - رضي الله عنهم - القرآن هو الركيزة الأساس لانطلاق دعوتهم، وهذه بعض الشواهد التي تبين ارتباط دعوة الصحابة بالقرآن الكريم وأنهم يسيرون وفق منهجه وعلى مشكاته.
أ) الشاهد الأول: الدعوة بقراءة القرآن:
قال تعالى: {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ} (¬٤)، إن القرآن له تأثير على المدعو وذلك من خلال كثير من الشواهد؛ ففي تلاوة جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه - صدراً من {كهيعص} (¬٥) تأثير على النجاشي وأساقفته، حتى إن النجاشي بكى حتى أخضلت لحيته وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلا عليهم (¬٦). ومن قراءة القرآن على المشركين ما كان من مصعب بن عمير - رضي الله عنه - عندما قرأ القرآن على سعد بن معاذ وأسيد بن الحضير - رضي الله عنهما -، وكان له تأثير عليهما حتى أسلما، وقصة إسلام عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بعد أن قرأ سورة "طه" وأثرها
---------------
(¬١) سورة فصلت، الآية: ٤٢.
(¬٢) سورة الإسراء، الآية: ٨٨.
(¬٣) لمعة الاعتقاد، ابن قدامة المقدسي، ص ١٨.
(¬٤) سورة ق، الآية: ٤٥.
(¬٥) سورة مريم، الآية: ١.
(¬٦) النجاشي وأساقفته من أهل الكتاب، وقد ذكروا هنا للتدليل على قراءة القرآن في الدعوة بشكل عام.