كتاب منهج الصحابة في دعوة المشركين من غير أهل الكتاب

فاغتسل وطهر ثيابه ثم جاء فعرضت عليه الإسلام فأسلم، ثم أتتني صاحبتي فقلت: إليك عني فلست مني ولست منك، قالت: لِمَ بأبي أنت وأمي؟، قال: قد فرق بيني وبينك الإسلام وتابعت دين محمد - صلى الله عليه وسلم -، قالت: فديني دينك، قال فقلت: فاذهبي إلى حمى ذي الشرى (¬١) فتطهري، فذهبت فاغتسلت ثم جاءت فعرضت عليها الإسلام فأسلمت (¬٢). فكان أول من أنذر الطفيل - رضي الله عنه - عشيرته الأقربين وهما والده وزوجته وهما الأقرب فالأقرب، قال تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}، "أي الأقرب فالأقرب" (¬٣)، وقال الإمام الطبري: "الأقربين إليك قرابة" (¬٤)،
ويقول الحافظ ابن كثير: "هم الأدنين إليه" (¬٥). ويوضح الإمام الشوكاني سبب تخصيص الأقربين "لأن الاهتمام بشأنهم أولى وهدايتهم إلى الحق أقوم" (¬٦).
ومن هذا أيضاً دعوة طليب بن عمير - رضي الله عنه - لأمه أروى بنت عبدالمطلب عمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتي ذكرها ابن سعد في "الطبقات" قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبيه قال: أسلم طليب بن عمير في دار الأرقم بن أبي الأرقم المخزومي ثم خرج فدخل على أمه
---------------
(¬١) ذو الشرى صنم لدوس وكان له حمى حموه له وبه وشل من ماء يهبط من الجبل. (انظر: معجم البلدان، ياقوت الحموي، ٣/ ٣٣٠).
(¬٢) انظر: البداية والنهاية، ابن كثير، المجلد الثاني، الجزء الثالث، ص ١٣٣ - ١٣٤.
(¬٣) التفسير الكبير، الرازي، المجلد الثاني عشر، الجزء الرابع والعشرون، ص ١٤٨.
(¬٤) جامع البيان، الطبري، ٨/ ٦٣٢ ..
(¬٥) تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، ١٠/ ٣٧٤.
(¬٦) فتح القدير، الشوكاني، ٣/ ٢٨٠.

الصفحة 78