كتاب منهج الصحابة في دعوة المشركين من غير أهل الكتاب
كعب من الشرك والتعرض للرسول - صلى الله عليه وسلم - بالشعر حتى أهدر الرسول - صلى الله عليه وسلم - دمه، وإرسال بجير كتاباً إلى كعب يطلب منه المجيء إلى الرسول في قوله: "فطر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنه لا يقتل أحداً جاءه تائباً" متوافق في معناه مع قوله تعالى: {جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ}، يقول الشيخ السعدي: "ثم أخبر عن كرمه العظيم وجوده ودعوته لمن اقترف السيئات بأن يعترفوا ويتوبوا ويستغفروا الله فقال: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ} أي معترفين بذنوبهم باخعين بها" (¬١)، وقد طبق كعب ما دعاه إليه أخوه بجير من الاستغفار والتوبة وطلب العفو من الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وكان له ما وعد الله في الآية: {لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا}، ويقول الله تعالى: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (¬٢)، وقد أخبر بجير بن زهير أخاه كعباً بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سوف يعفو عنه ويحسن إليه فعفا الرسول - صلى الله عليه وسلم - عنه وأعطاه بردته التي عليه (¬٣) فكأن دعوة بجير - رضي الله عنه - استخلصت من هذه الآية.
ك) الشاهد الحادي عشر: تنزيه الله عن الزوجة والولد:
قال تعالى: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (¬٤). في هذه الآية تأييد لما أخرجه ابن أبي
---------------
(¬١) تيسير الكريم الرحمن، السعدي، ص ١٩٩.
(¬٢) سورة المائدة، الآية: ١٣.
(¬٣) انظر: أسد الغابة، ابن الأثير، ٣/ ٥٣٠.
(¬٤) سورة الأنعام، الآية: ١٠١.