كتاب منهج الصحابة في دعوة المشركين من غير أهل الكتاب
يذكر عنهما: والله لعرفنا الإسلام في وجهه قبل أن يتكلم، ومن ثم أتاهم سعد بن معاذ وقال لهم مثل قول أسيد، وقال له مصعب كقوله لأسيد، وقرأ عليه القرآن فأسلما - رضي الله عنهم - أجمعين.
وهنا نجد أن مصعباً - رضي الله عنه - تعلم القرآن وأصبح مقرِئاً له، فكان يدعو الناس إلى الإسلام بالقرآن، وقد مكث في المدينة يدعو ويعلم حتى عاد إلى مكة ومعه سبعون رجلاً من الأنصار، وقابلوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - في العقبة الثانية، ويعد هو أول من قدم المدينة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان يأتي الأنصار في دورهم ويدعوهم ويقرأ عليهم القرآن فيسلم الرجل والرجلان حتى ظهر الإسلام وفشا في دور الأنصار، وكان يقرِئُهم القرآن ويعلمهم (¬١)، وكأنه - رضي الله عنه - يطبق ما ورد في حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (تعلم القرآن وعلمه (.
ومن ذلك أيضاً عندما بعث عمرو بن الجموح إلى مصعب بن عمير بعد قدومه المدينة فقال: ما هذا الذي جئتمونا به؟ قالوا: إن شئت جئناك فأسمعناك القرآن، قال: نعم، فقرأ عليه صدراً من سورة يوسف (¬٢)، فدعاه من خلال قراءة القرآن الكريم عليه.
وكذلك ثابت بن قيس الأنصاري - رضي الله عنه - وهو أحد السابقين للإسلام ما كاد أن يستمع إلى الذكر الحكيم يرتله مصعب بن عمير بصوته الشجي وجرسه الندي حتى شرح الله صدره للإيمان وأعلى قدره ورفع ذكره بالإسلام.
---------------
(¬١) انظر: الطبقات الكبرى، ابن سعد، ٣/ ١١٧ - ١١٨.
(¬٢) انظر: سير أعلام النبلاء، الذهبي، ٢/ ٢٩٤٢.