كتاب منهج الصحابة في دعوة المشركين من غير أهل الكتاب
علي فتنازلا وتجاولا فقتله علي - رضي الله عنه - (¬١).
وهنا نجد أن دعوة علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - المشرك عمرو بن عبد ود للإسلام قبل المبارزة قد وافقت وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - له يوم خيبر، وإن أتت بعدها، فعن سهل بن سعد - رضي الله عنه - أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول يوم خيبر: (لأعطين الراية رجلاً يفتح الله على يديه (، فقاموا يرجون لذلك أيهم يعطى، فغدوا كلهم يرجو أن يُعطى فقال: (أين علي؟ (فقيل: يشتكي عينيه، فأمر فدعي له، فبصق في عينيه فبرأ مكانه، حتى كأنه لم يكن له شيء، فقال علي: نقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: (على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم، فوالله لأن يهدى بك رجل واحد خير لك من حمر النعم ((¬٢). فتقديم الدعوة على القتال والحرص على إسلامهم هو الغاية، فإن حصل ذلك من دون قتال كان فيه خير كثير، يقول ابن حجر في ذلك: "إنه استدل بقوله: "ادعهم" أن الدعوة شرط في جواز القتال، والخلاف في ذلك مشهور" (¬٣)،
وكانت جيوش المسلمين إذا توجهت إلى قتال تدعو من يقاتلونهم إلى إحدى ثلاث خصال، فهذا خالد بن الوليد - رضي الله عنه - يكتب إلى أهل فارس يدعوهم إلى الإسلام ويخيرهم بين الإسلام أو الجزية أو القتال، وكتابه الآخر إلى هرمز بالثغر بنفس المضمون، وكتابه أيضاً إلى مرازبة فارس وجميعها
---------------
(¬١) انظر: السيرة النبوية، ابن هشام، ٢/ ١٩٣.
(¬٢) صحيح البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - الناس إلى الإسلام والنبوة، رقم ٢٩٤٢، ص ٤٨٧.
(¬٣) فتح الباري، ابن حجر، كتاب المغازي، باب غزوة خيبر، رقم ٤٢١٠، ٨/ ٤٨٢٢ ..