كتاب نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم (اسم الجزء: 1)

واقعة» «1» .
ومعنى الاتفاق: الاشتراك إما في القول أو في الفعل أو الاعتقاد، والمقصود بأهل الحل والعقد المجتهدون في الأحكام» «2» . وإذا أجمعوا على فعل نحو أكلهم طعاما دل إجماعهم على إباحته، كما يدل أكله عليه الصلاة والسلام على الإباحة، ما لم تقم قرينة دالة على الندب أو الوجوب» «3» .
والأدلة عليه في القرآن كثيرة منها:
- وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ «4» .
- كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ... «5» .
- وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً «6» .
- وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا ... «7» .
- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ... «8» .
ومن النصوص النبوية، قوله صلّى الله عليه وسلّم، «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم، حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون» «9» . وفي تفسير البخاري: أن الطائفة هم أهل العلم.
ويعلق محمد عبد الله دراز: «أنه إذا كانت عصبة الحق لا تزال باقية في العالم الإسلامي، فإن فكرة الاتفاق الإجماعي على الضلالة سوف تكون إذن مستبعدة، على أنها أمر محال من الوجهة العملية في العالم الإسلامي» «10» .
ودور الإجماع هو حسم مشكلة جديدة، ذات طابع أخلاقي أو فقهي، أو عبادي، أما الحياة المادية فليس
__________
(1) عبد الوهاب خلاف: مرجع سابق ص 45.
(2) يوسف حامد العالم، مرجع سابق، ص 61.
(3) المرجع السابق: 61.
(4) البقرة: 143.
(5) آل عمران: 110.
(6) النساء: 115.
(7) آل عمران: 103.
(8) النساء: 59.
(9) ابن حجر: الفتح (ط المكتبة التجارية) (7311) 13/ 227.
(10) محمد عبد الله دراز، مرجع سابق، ص 43.

الصفحة 104