كتاب نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم (اسم الجزء: 2-11)

تعالى- في قوله تعالى-: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ. قال: «وكان علامة حبّه إيّاهم اتّباع سنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم» وفي موضع آخر: «فقد جعلت علامة حبّهم الله اتّباع رسوله» ) * «1»
29-* (قال محمّد بن سيرين: كانوا يرون أنّه على الطّريق ما كان على الأثر) * «2» .
30-* (قال مجاهد- رحمه الله تعالى-: «في قول الله تعالى: وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً يعني أئمّة نقتدي بمن قبلنا ويقتدي بنا من بعدنا» ) * «3» .
31-* (قال عبّاد بن عبّاد الخوّاصّ الشّاميّ رحمه الله تعالى-: «اعقلوا، والعقل نعمة، فربّ ذي عقل قد شغل قلبه بالتّعمّق فيما هو عليه ضرر عن الانتفاع بما يحتاج إليه، حتّى صار عن ذلك ساهيا.
من فضل عقل المرء ترك النّظر فيما لا نظر فيه حتّى يكون فضل عقله وبالا عليه في ترك مناقشة من هو دونه في الأعمال الصّالحة، أو رجل شغل قلبه ببدعة قلّد فيها دينه رجالا دون أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أو اكتفى برأيه فيما لا يرى الهدى إلّا فيها، ولا يرى الضّلالة إلّا تركها بزعم أنّه أخذها من القرآن، وهو يدعو إلى فراق القرآن، أفما كان للقرآن حملة قبله وقبل أصحابه يعملون بمحكمه ويؤمنون بمتشابهه؟ وكانوا منه على منار أوضح الطّريق، وكان القرآن إمام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إماما لأصحابه، وكان أصحابه أئمّة لمن بعدهم، رجال معروفون منسوبون في البلدان متّفقون في الرّدّ على أصحاب الأهواء مع ما كان بينهم من الاختلاف، وتسكّع أصحاب الأهواء برأيهم في سبل مختلفة جائرة عن القصد مفارقة للصّراط المستقيم، فتوّهت بهم أدلّاؤهم في مهامه «4» مضلّة فأمعنوا فيها متعسّفين في هيأتهم كلّما أحدث لهم الشّيطان بدعة في ضلالتهم انتقلوا منها إلى غيرها، لأنّهم لم يطلبوا أثر السّالفين، ولم يقتدوا بالمهاجرين، وقد ذكر عن عمر أنّه قال لزياد: هل تدري ما يهدم الإسلام؟ زلّة عالم، وجدال منافق بالقرآن، وأئمّة مضلّون» ) * «5» .
32-* (قال ميمون بن مهران- رحمه الله تعالى-: «كان أبو بكر إذا ورد عليه الخصم نظر في كتاب الله، فإن وجد فيه ما يقضي بينهم قضى به، وإن لم يكن في الكتاب وعلم من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في ذلك الأمر سنّة قضى به، فإن أعياه خرج فسأل المسلمين، وقال: أتاني كذا وكذا، فهل علمتم أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قضى في ذلك بقضاء؟ فربّما اجتمع إليه النّفر كلّهم يذكر من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيه قضاء فيقول أبو بكر: الحمد لله الّذي جعل فينا من يحفظ على نبيّنا، فإن أعياه أن يجد فيه سنّة من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جمع
__________
(1) أصول الاعتقاد (1/ 70) .
(2) سنن الدارمي (1/ 66) حديث 140.
(3) البخاري- الفتح (13/ 248) .
(4) المهامه: جمع مهمهة وهي المفازة، والمعنى في طرق بعيدة مضلة.
(5) سنن الدارمي (1/ 166) .

الصفحة 38