كتاب نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم (اسم الجزء: 2-11)
الوهم
الوهم لغة:
مصدر قولهم: وهم يهم (مثل وعد يعد) ، وهو مأخوذ من مادّة (وه م) الّتي تدلّ- فيما يقول ابن فارس- على معان متفرّقة لا تنقاس (أي لا ترجع إلى أصل واحد) ، فمن ذلك الوهم، وهو البعير العظيم، وقيل الجمل الضّخم العظيم، والوهم: الطّريق، وقيل الطّريق الواسع. والوهم:
وهم القلب، يقال منه: وهمت في الشّيء أهم وهما، إذا ذهب وهمك إليه وأنت تريد غيره، ووهمت (بكسر الهاء) في الحساب أوهم وهما ووهما. إذا غلطت فيه وسهوت، ويقال أيضا أوهم من الحساب مائة، وأوهم من صلاته ركعة أى أسقط. وأوهمت غيري إيهاما ووهّمته توهيما (أي جعلت ذلك في وهمه) وأوهمت الشّيء: تركته كلّه، وأوهمت في كتابي وكلامي: أي أسقطت منه شيئا، وتوهّمت: ظننت، واتّهمت فلانا بكذا (رميته به) ، والاسم التّهمة (بالتّحريك) وأصل التّاء فيه واو مثل تكلة، وأتهم الرّجل: إذا صارت به ريبة، وقولهم لا وهم من كذا، أي لا بدّ منه.
وقال ابن منظور: الوهم: من خطرات القلب، والجمع أوهام، وللقلب وهم.
وتوهّم الشّيء: تخيّله وتمثّله، كان في الوجود أو لم يكن. وقال: توهّمت الشّيء وتفرّسته وتوسّمته وتبيّنته بمعنى واحد، قال زهير:
وقفت بها من بعد عشرين حجّة ... فلأيا «1» عرفت الدّار بعد توهّم
ويقال: وهمت في كذا وكذا أي غلطت.
وأوهمت الشّيء تركته كلّه أوهم. وفي حديث النّبيّ صلى الله عليه وسلّم: أنّه صلّى فأوهم في صلاته، فقيل: كأنّك أوهمت في صلاتك، فقال: كيف لا أوهم ورفغ «2» أحدكم بين ظفره وأنملته؟ أي أسقط من صلاته شيئا. قال الأصمعيّ: أوهم إذا أسقط، ووهم إذا غلط. وفي الحديث: أنّه سجد للوهم وهو جالس أي للغلط.
وأورد ابن الأثير بعض هذا الحديث أيضا فقال: قيل له كأنّك وهمت، قال: وكيف لا إيهم؟ قال: هذا على لغة بعضهم؛ الأصل أوهم بالفتح والواو، فكسرت الهمزة، لأنّ قوما من العرب يكسرون مستقبل- فعل- فيقولون إعلم وتعلم، فلمّا كسر همزة أوهم انقلبت
__________
(1) فلأيا: مشقة.
(2) الرفغ: وسخ الظفر، أي وسخ رفغ أحدكم.
الصفحة 5710
5730