كتاب نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم (اسم الجزء: 2-11)

رغوة. فجئت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: «أشربتم شرابكم اللّيلة؟ قال: قلت: يا رسول الله! اشرب.
فشرب، ثمّ ناولني. فقلت يا رسول الله اشرب فشرب ثمّ ناولني. فلمّا عرفت أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قد روي وأصبت دعوته، ضحكت حتّى ألقيت إلى الأرض، قال: فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «إحدى سوآتك «1» يا مقداد» فقلت:
يا رسول الله! كان من أمري كذا وكذا، وفعلت كذا.
فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «ما هذه إلّا رحمة من الله «2» . أفلا كنت آذنتني فنوقظ صاحبينا فيصيبان منها» . قال:
فقلت: والّذي بعثك بالحقّ! ما أبالي إذا أصبتها وأصبتها معك، من أصابها من النّاس» ) * «3» .
29-* (عن عثمان بن عفّان- رضي الله عنه- في خطبة له: إنّا والله قد صحبنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في السّفر والحضر، وكان يعود مرضانا، ويتبع جنائزنا ويغزو معنا، ويواسينا بالقليل والكثير) «4» .
من الآثار وأقوال العلماء الواردة في (الإحسان)
1-* (عن ابن عبّاس- رضي الله عنهما- قال: «خمسا «5» ، لهنّ أحسن من الدّهم الموقفة «6» . لا تكلّم فيما لا يعنيك، فإنّه فضل ولا آمن عليك الوزر، ولا تتكلّم فيما يعنيك حتّى تجد له موضعا، فإنّه ربّ متكلّم في أمر يعنيه، قد وضعه في غير موضعه فعنّت، ولا تمار حليما ولا سفيها، فإنّ الحليم يقليك «7» وإنّ السّفيه يؤذيك، واذكر أخاك إذا تغيّب عنك ممّا تحبّ أن يذكرك به. وأعفه عمّا تحبّ أن يعفيك منه، واعمل عمل رجل يرى أنّه مجازى بالإحسان، مأخوذ بالإجرام» ) * «8» .
2-* (عن الحسن قال: «ليس الإيمان بالتّحلّي ولا بالتّمنّي، ولكن ما وقر في القلوب وصدّقته الأعمال، من قال حسنا، وعمل غير صالح، ردّه الله عليه» ) * «9» .
3-* (عن عبيد الله بن عديّ بن خيار: أنّه دخل على عثمان بن عفّان- رضي الله عنه- وهو محصور «10» فقال: «إنّك إمام عامّة، ونزل بك ما نرى، ويصلّي لنا إمام فتنة ونتحرّج. فقال: «الصّلاة أحسن ما يعمل النّاس، فإذا أحسن النّاس فأحسن معهم، وإذا أساءوا فاجتنب إساءتهم» ) * «11» .
4-* (عن عمرو بن ميمون- رضي الله عنه- قال: «رأيت عمر بن الخطّاب- رضي الله عنه- قبل أن يصاب بأيّام بالمدينة ووقف على حذيفة بن اليمان وعثمان بن حنيف. قال: كيف فعلتما؟ أتخافان
__________
(1) إحدى سوءاتك: أي إنك فعلت سوأة من الفعلات. فما هي؟
(2) ما هذه إلا رحمة من الله أي إحداث هذا اللبن في غير وقته.
(3) مسلم (2055) .
(4) أحمد في المسند (1/ 70) وقال الشيخ أحمد شاكر: (1/ 378 برقم 504) إسناده صحيح.
(5) قوله: خمسا، لعلها منصوبة على الإغراء.
(6) الدهم الموقفة: أي من الخيل الدهم التي أوقفت وأعدّت للركوب.
(7) يقليك: يبغضك.
(8) كتاب الصمت، لابن أبي الدنيا (264- 265) .
(9) انظر اقتضاء العلم العمل للخطيب البغدادي (43) .
(10) محصور: محاط به وممنوع من الخروج.
(11) البخاري- الفتح 2 (695) .

الصفحة 88