كتاب نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم (اسم الجزء: 2-11)

الإخاء
الإخاء لغة:
الأخ من النّسب: معروف وهو من جمعك وإيّاه صلب أو بطن. وقد يكون الصّديق والصّاحب. وجمع الأخ إخوة وإخوان. قال أبو حاتم: قال أهل البصرة أجمعون: الإخوة في النّسب، والإخوان في الصّداقة. تقول: قال رجل من إخواني وأصدقائي فإذا كان أخاه في النّسب قالوا إخوتي.
قال: وهذا غلط، يقال للأصدقاء وغير الأصدقاء إخوة وإخوان. قال الله- عزّ وجلّ-: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ (الحجرات/ 10) ولم يعن النّسب، وقال: أَوْ بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ (النور/ 61) . وهذا في النّسب، وقال: فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ (الأحزاب/ 5) والأخت: أنثى الأخ، صيغة على غير بناء المذكّر والتّاء بدل من الواو وليست التّاء فيها بعلامة تأنيث. والجمع أخوات. وقال بعض النّحويّين: سمّي الأخ أخا لأنّ قصده قصد أخيه.
وأصله من وخى أي قصد فقلبت الواو همزة. وآخى الرّجل مؤاخاة وإخاء ووخاء. والعامّة تقول واخاه.
قال ابن سيدة: تقول: بيني وبينه أخوّة وإخاء. وتقول آخيته على مثال فاعلته، وتأخّيت أخا أي اتّخذت أخا.
وفي الحديث: أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم آخى بين المهاجرين والأنصار أي ألّف بينهم بأخوّة الإسلام والإيمان.
والتّآخي: اتّخاذ الإخوان. وفي صفة أبي بكر: «لو
الآيات/ الأحاديث/ الآثار
24/ 55/ 47
كنت متّخذا خليلا لاتّخذت أبا بكر خليلا، ولكن أخوّة الإسلام» . ويقال: تأخّى الرّجل: اتّخذه أخا أو دعاه أخا.
وقال ابن الجوزيّ: الأخ: اسم يراد به المساوي والمعادل. والظّاهر في التّعارف: أنّه يقال في النّسب ثمّ يستعار في مواضع تدلّ عليها القرينة.
ويقال: تأخّيت الشّيء: أي تحرّيته «1» .
واصطلاحا:
قيل: هو مشاركة شخص لآخر في الولادة من الطّرفين أو من أحدهما أو من الرّضاع، ويستعار لكلّ مشارك لغيره في القبيلة أو في الدّين أو في صنعة أو في معاملة أو في مودّة أو في غير ذلك من المناسبات.
قال ابن حجر في قوله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ يعني في التّوادّ وشمول الدّعوة «2» .
وقد آخى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بين الأعلى والأدنى ليرتفق الأدنى بالأعلى ويستعين الأعلى بالأدنى.
وبهذا تظهر مؤاخاته صلّى الله عليه وسلّم لعليّ لأنّه هو الّذي كان يقوم به من عهد الصّبا من قبل البعثة واستمرّ. وكذا مؤاخاة حمزة وزيد بن حارثة لأنّ زيدا مولاهم «3» .
وقال الكفويّ: الأخ: كلّ من جمعك وإيّاه صلب أو بطن والإخوة تستعمل في النّسب والمشابهة والمشاركة في شيء. وقال المناويّ: الأخ هو النّاشىء مع أخيه من منشأ واحد على السّواء بوجه ما.
__________
(1) لسان العرب (14/ 2319) ، ونزهة الأعين النواظر (131) .
(2) فتح الباري (7/ 317) ، ومفردات الراغب (13) ، والكليات للكفوي (63) ، والتوقيف على مهمات التعاريف للمناوي (41) .
(3) الفتح (7/ 318) .

الصفحة 92