كتاب نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم (اسم الجزء: 2-11)

الأحاديث الواردة في (الإخاء والمؤاخاة)
1-* (عن عبيد بن خالد السّلميّ- رضي الله عنه- قال: آخى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بين رجلين.
فقتل أحدهما، ومات الآخر بعده بجمعة أو نحوها. فصلّينا عليه، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما قلتم؟» فقلنا: دعونا له، وقلنا: اللهمّ اغفر له وألحقه بصاحبه، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «فأين صلاته بعد صلاته، وصومه بعد صومه وعمله بعد عمله؟» شكّ شعبة في صومه وعمله بعد عمله، «إنّ بينهما كما بين السّماء والأرض» ) * «1» .
2-* (عن أبي جحيفة- رضي الله عنه- قال: آخى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بين سلمان وأبي الدّرداء، فزار سلمان أبا الدّرداء، فرأى أمّ الدّرداء متبذّلة «2» ، فقال لها: ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو الدّرداء ليس له حاجة في الدّنيا. فجاء أبو الدّرداء فصنع له طعاما فقال له: كل. قال: فإنّي صائم. قال: ما أنا بآكل حتّى تأكل. قال: فأكل. فلمّا كان اللّيل ذهب أبو الدّرداء يقوم. قال: نم. فنام. ثمّ ذهب يقوم.
فقال: نم. فلمّا كان من آخر اللّيل قال سلمان: قم الآن، فصلّيا. فقال له سلمان: إنّ لربّك عليك حقّا، ولنفسك عليك حقّا. ولأهلك عليك حقّا، فأعط كلّ ذي حقّ حقّه. فأتى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فذكر ذلك له، فقال له النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «صدق سلمان» ) * «3» .
3-* (عن جابر بن سليم قال: أتيت المدينة، فرأيت رجلا يصدر النّاس عن رأيه «4» ، لا يقول شيئا إلّا صدروا عنه، قلت: من هذا؟ قالوا: هذا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قال: فقلت: عليك السّلام يا رسول الله مرّتين، فقال: «لا تقل: عليك السّلام، فإنّ ذلك تحيّة الميّت، قل: السّلام عليك» ، قلت: أنت رسول الله؟ قال: «أنا رسول الله الّذي إن أصابك ضرّ فدعوته كشفه عنك، وإن أصابك عام سنة «5» فدعوته أنبتها لك، وإن كنت بأرض قفر، أو فلاة، فضلّت راحلتك، فدعوته ردّها عليك» ، قلت: اعهد إليّ، قال: «لا تسبّنّ أحدا» ، قال: فما سببت بعد ذلك حرّا ولا عبدا ولا شاة ولا بعيرا، قال: «ولا تحقرنّ شيئا من المعروف، وأن تكلّم أخاك وأنت منبسط إليه بوجهك. فإنّ ذلك من المعروف، وارفع إزارك إلى نصف السّاق، فإن أبيت فإلى الكعبين، وإيّاك وإسبال الإزار «6» فإنّها من المخيلة وإنّ الله لا يحبّ المخيلة «7» ، وإن امرؤ شتمك أو عيّرك بما يعلم فيك فلا تعيّره بما تعلم فيه، يكن وبال ذلك عليه» ) * «8» .
__________
(1) أبو داود (2524) واللفظ له وقال الألباني (2202) : صحيح، وأخرجه النسائي (4/ 74) ، وأحمد 3/ 500.
(2) متبذلة: من التبذل وهو ترك التزيّن والتهيّؤ بالهيئة الحسنة الجميلة على جهة التواضع.
(3) البخاري- الفتح 4 (1968) .
(4) يصدر الناس عن رأيه: أي يتبعون رأيه ويستمعون إليه.
(5) السنة: هنا معناها الجدب والقحط.
(6) إسبال الإزار: يقال: أسبل فلان ثيابه إذا طوّلها وأرسلها إلى الأرض.
(7) المخيلة: الكبر.
(8) أبو داود (4084) وقال الألباني (2/ 770) : صحيح، والترمذي (2722) ، وأحمد 5/ 63 جامع الأصول (11: 746) واللفظ له وقال محققه: صححه ابن حبان فى الموارد: إسناده صحيح.

الصفحة 99