كتاب العرش وما روي فيه - محققا

فلفظ المركب- مثلا-: قد يراد به ما ركبه غيره، أو ما كان متفرقا فاجتمع، أو ما يقبل التفريق، والله منزه عن هذه المعاني باتفاق.
وأما الذات الموصوفة بصفاتها اللازمة لها فإذا سميتم هذا تركيبا كان ذلك اصطلاحا لكم، وليس هو المفهوم من لفظ المركب، ولن تستطيعوا- أيها الفلاسفة- إقامة الدليل على نفيه.
وأما قولهم "لكان مركبا": فإن أرادوا لكان غيره ركبه، أو لكان مجتمعا بعد افتراقه، أو لكان قابلا للتفريق، فاللازم باطل. فإن الكلام إنما هو في الصفات اللازمة للموصوف الذي يمتنع وجوده بدونها.
وإن أرادوا بالمركب الموصوف، أو ما يشبه ذلك، قيما قالوا إن ذلك يمتنع، وأما قولهم: "والمركب مفتقر إلى غيره"، فالجواب عنه: أما المركب بالتفسير الأول فهو مفتقر إلى ما يباينه، وهذا ممتنع على الله - تعالى-.
وأما الموصوف بصفات الكمال اللازمة لذاته، الذي سميتموه أنتم مركبا، فليس في اتصافه هذا ما يوجب كونه مفتقرا إلى مباين له. وإن قالوا: هو غيره، وهو لا يوجد إلا بها، وهذا افتقار إليها، قيل لهم: إن أرادوا بقولهم هي غيره أنها مباينة له فذلك باطل.
وإن أرادوا أنها ليست إياه، قيل لهم: إذا لم تكن الصفة هي الموصوف فأي محذور في هذا.

الصفحة 127