كتاب العرش وما روي فيه - محققا

فقال: "هذا ما لا تعرفه العرب، ولا هو جائز في لغتها، والخليل إمام في اللغة على ما عرف من حاله- فحينئذ حمله على ما لا نعرف في اللغة هو قول باطل"1.
وكذلك فإنه قد روي عن جماعة من أهل اللغة أنهم قالوا: لا يجوز استوى بمعنى استولى إلا في حق من كان عاجزا ثم ظهر، والله - سبحانه- لا يعجزه شيء، والعرش لا يغالبه في حال، فامتنع أن يكون بمعنى استولى.
وقد روي عن أبي العباس ثعلب أنه قال: "استوى: أقبل عليه وإن لم يكن معوجا، {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} 2: أقبل، و {اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} : علا، واستوى الوجه: اتصل، واستوى القمر: امتلأ، واستوى زيد وعمرو: تشابها، واستوى فعلاهما وإن لم تتشابه شخوصهما، هذا الذي نعرفه من كلام العرب"3.
فبما تقدم من أقوال علماء اللغة يتضح لنا فساد زعم هؤلاء المعطلة، وكذب ادعائهم بأن هذا القول مشهور في اللغة.
وأما ما استدل به هؤلاء من أبيات- كقول الشاعر:
قد استوى بشر على العراق ... من غير سيف ولا دم مهراق
__________
1 "مجموع الفتاوى": (5/ 144، 159) .
2 سورة البقرة، الآية: 29.
3 "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" للالكائي: (1/ 399-400) .

الصفحة 166