كتاب العرش وما روي فيه - محققا

ثم بعد ذلك بدأ بذكر الأحاديث والآثار الدالة على إثبات علو الله واستوائه على عرشه، وإثبات أن العرش موجود حقيقة، وأنه أعظم مخلوقات الله، وما جاء في ذكر صفته وحملته، ثم ختم الكتاب بذكر بعض الأحاديث المثبتة للنزول، ويعتبر"كتاب العرش" لابن أبي شيبة هو أول كتاب من كتب السلف من حيث إفراده هذا الموضوع بمؤلف مستقل - على حسب ما وصل إلينا من المصادر التي جاء فيها ذكر مؤلفات السلف - وقد ألف بعد ذلك مؤلفات اختصت بهذا الموضوع مثل كتاب"العلو" لابن قدامة المقدسي، وكتاب"العلو" للذهبي، الذي يعتبر"كتاب العرش" مصدرا من المصادر التي اعتمد عليها في تأليفه للكتاب، وكذلك"الرسالة العرشية" لشيخ الإسلام ابن تيمية.
ثالثا: سبب تأليفه:
بين المؤلف - رحمه الله - في بدء كتابه السبب الذي دعاه إلى تأليف هذا الكتاب، فذكر أنه ألفه ردا على طائفة الجهمية في واحد من المسائل التي خالفوا فيها الكتاب والسنة، وحادوا فيها عن طريق الحق، وهي مسألة العلو والاستواء، ومما تجدر الإشارة إليه أن المؤلف قد عاش في فترة زمنية انتشرت فيها آراء الجهمية ومذهبهم الباطل المتمثل في التعطيل، وإنكار الصفات، والقول بخلق القرآن، حتى أصبحت السلطة السياسية تحت تصرفهم ورهن إشارتهم، فهذا المأمون يمتحن المحدثين والفقهاء في مسألة خلق القرآن تحت قهر السيف وسياط التعذيب، ومن بعده المعتصم ثم الواثق.

الصفحة 241