كتاب العرش وما روي فيه - محققا

عِكْرِمَةَ1، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ} 2، قَالَ: "مِمَّنْ فَوْقِهِنَّ مِنَ الثِّقَلِ"3، قَالَ: وقرأها خصيف يتفطرن4.
__________
1 هو عكرمة بن عبد الله، مولى ابن عباس، أصله بربري، ثقة، ثبت، عالم بالتفسير ولم يثبت تكذيبه عن ابن عمر، ولا يثبت عنه بدعة، من الثالثة، مات سنة سبع ومائة، وقيل: بعد ذلك. أخرج له الجماعة.
"تقريب التهذيب": ص 243.
2 سورة الشورى، الآية: 5.
3 أخرجه الحاكم في "مستدركه": (2 / 442) بسنده عن عبيد الله بن موسى به، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره": (25/7) من طريق آخر عن ابن عباس، ولفظه: "يعني من ثقل الرحمن وعظمته- تبارك وتعالى-".
وأخرجه أبو الشيخ في "العظمة": (ت 39/ ب) بسنده عن عبد الله بن موسى وإسناده ضعيف، لأن خصيفا سيء الحفظ، خلط بآخره.
4 ذكر السيوطي في "الدر المنثور": (6/ 3) أن خصيفا قرأها بالتاء المشددة.
التعليق:
إيراد المصنف لهذا الأثر والأثرين اللذين سيأتيان من بعده إنما هو لأمرين:
الأمر الأول: لما فيهما من الدلالة على علو الله- سبحانه وتعالى- وذلك لأن فيها إثبات علو الله وارتفاعه فوق سمواته.
الأمر الثاني: أنه أوردهما لما فيهما من التأييد لمسألة الأطيط الواردة في الحديثين السابقين، فكأنما مقصد المؤلف أن يبين أن أطيط العرش هو من جنس تشقق السموات وتفطرها، إذ الحل يتشقق من عظمة الله وجلاله- سبحانه وتعالى-.
وأما ما ورد في الأثر من أن تشقق السموات إنما هو من الثقل، فإن كان المقصود بالثقل ثقل من في السموات من الملائكة ومن فوق السموات كالعرش، فهذا يؤيده حديث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أطت السماء، وحق لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضحا جبهته ساجدا". انظر: "سنن الترمذي"، كتاب الزهد، باب 9: (5/556) ، و"مسند الإمام أحمد": (5/ 173) .
وأما إذا كان المقصود ثقل الرحمن، فإن الوارد عن أهل التفسير كالطبري وابن كثير والقرطبي وغيرهم أن التشقق من عظمة الله وجلاله، وهذا ما ورد عن ابن عباس والضحاك وقتادة والسدي، وكعب الأحبار. والله أعلم.

الصفحة 338