كتاب العرش وما روي فيه - محققا

عَنْ عَطَاءٍ1، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ- رَضِيَ اللَّهُ عنهما- قال: "فكروا فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَلَا تَفَكَّرُوا فِي اللَّهِ، فَإِنَّ بَيْنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ إِلَى كُرْسِيِّهِ أَلْفَ نُورٍ، وَهُوَ فَوْقَ ذَلِكَ" 2.
__________
1 هو عطاء بن السائب بن زيد الثقفي، أبو زيد الكوفي، أحد علماء التابعين، واختلف في كنيته واسم جده، وهو صدوق اختلط، من الخامسة، مات سنة ست وثلاثين ومائة.
أخرج له البخاري متابعة، والأربعة.
"ميزان الاعتدال": (3/70، 73) ، "تهذيب التهذيب": (7/303) ، "تقريب التهذيب": ص 239.
2 أخرجه الأصبهاني في "الترغيب والترهيب": (2/173) ، وأبو الشيخ في "العظمة": (ق 1/أ – ب) ، والبيهقي في "الأسماء والصفات": ص 530.
جميعهم عن عاصم بن علي عن أبيه عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس موقوفا.
وعندهم بلفظ: "تفكروا"، بدل: "فكروا"، و"سبعة آلاف سنة نور"، بدل: "ألف نور".
وأورده السيوطي فى "الجامع الصغير": (1/ 132) ، وسكت عنه كما سكت عنه المناوي في "فيض القدير": (3/ 292) .
وقال السخاوي في "المقاصد الحسنة": ص 159- بعد أن ذكر من أخرج الحديث-: "وأسانيدها ضعيفة، لكن اجتماعها يكتسب قوة، والمعنى صحيح"، ففي "صحيح مسلم": (2/153) عن أبي هريرة مرفوعا: "لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال: هذا خلق الله الخلق فمن خلق الله؟ فمن وجد من ذلك شيئا فليقل آمنت بالله".
وقد أورده الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة": (4/ 396) من رواية البيهقي وقال: هذا إسناد ضعيف، عطاء كان اختلط.
وسند المؤلف رجاله ثقات إلا أن عطاء كان اختلط، والراوي عنه خالد بن عبد الله- ليس ممن روى عنه قبل تغيره، فقد نقل ابن كيال عن الطحاوي أنه قال: "إنما حديث عطاء الذي كان منه قبل تغيره يؤخذ من أربعة لا من سواهم، وهم: شعبة، وسفيان الثوري، وحماد بن سلمة، وحماد بن زيد". "الكواكب النيرات": ص 325، تحقيق: عبد القيوم بن عبد النبي. وقد أخرجه أبو الشيخ في "العظمة": (ق ا/ ب) مرفوعا إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولكن الصواب أنه موقوف.
وقد أورده الحافظ ابن حجر في "فتح الباري": (13/383) ، وقال: موقوف، وسنده جيد.
التعليق:
الحديث وإن كان في إسناده مقال إلا أن بعض الأئمة قد حسنه، ومعناه صحيح، ولا سيما أنه يشهد له ما أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا، من خلق كذا، حتى يقول: من خلق ربك، فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته ". انظر: "صحيح البخاري": (6/336) ، و"صحيح مسلم" (2/153) .
فالحديث دال على النهي عن التفكر بذات الله عز وجل، وذلك لأن ذاته أعظم وأجل من أن يدخل فيها التفكير لأن التفكر والتدبر والتقدير إنما يكون في الأمثال والمقاييس والأمور المتشابهة التي هي المخلوقات.
والسبيل إلى معرفة الله على مذهب السلف الصالح هو بالتفكر في مخلوقات الله وآياته الكونية والشرعية بالطرق العقلية الصحيحة على حسب ما جاء في القرآن والسنة.
والشاهد من إيراد الأثر في هذا الكتاب هو ما ورد عند قوله: "وهو فوق ذلك" حيث إنه قد دل على علو الله وارتفاعه فوق سمواته وبينونته من خلقه وهذا هو الثابت بالأدلة الصحيحة من القرآن والسنة.
انظر: "مجموع الفتاوى": (4/ 39، 40) ، "تفسير ابن كثير": (1438، 439) .

الصفحة 343