كتاب معجم البلدان (اسم الجزء: 2)

الآن موجود يسكنه الرواهب فجعلهما اثنين، وحدّث الجاحظ في كتاب المعلّمين قال: حدثني ابن فرج الثعلبي أن فتيانا من بني ملّاص من ثعلبة أرادوا القطع على مال يمرّ بهم قرب دير العذارى فجاءهم من خبّرهم أن السلطان قد علم بهم وأن الخيل قد أقبلت تريدهم فاستخفوا في دير العذارى فلما حصلوا فيه سمعوا أصوات حوافر الخيل التي تطلبهم وهي راجعة من الطلب فأمنوا فقال بعضهم لبعض: ما الذي يمنعكم أن تأخذوا القسّ وتشدّوه وثاقا ثم يخلو كل واحد منكم بواحدة من هذه الأبكار فإذا طلع الفجر تفرّقنا في البلاد وكنا جماعة بعدد الأبكار اللواتي كنّ أبكارا في حسابنا، ففعلنا ما اجتمعنا عليه فوجدنا كلّهنّ ثيّبات قد فرغ منهنّ القسّ قبلنا، فقال بعضنا:
ودير العذارى فضوح لهنّ، ... وعند القسوس حديث عجيب
خلونا بعشرين صوفيّة، ... ونيك الرواهب أمر غريب
إذا هنّ يرهزن رهز الظراف، ... وباب المدينة فجّ رحيب
لقد بات بالدير ليل التّمام ... أيور صلاب وجمع مهيب
سباع تموج وزاقولة ... لها في البطالة حظّ رغيب
وللقسّ حزن يهيض القلوب، ... ووجد يدلّ عليه النحيب
وقد كان عيرا لدى عانة، ... فصبّ على العير ليث هيوب
وقال الشابشتي: دير العذارى أسفل الحظيرة على شاطئ دجلة، وهو دير حسن حوله بساتين، قال:
وببغداد أيضا دير يقال له دير العذارى في قطعة النصارى على نهر الدّجاج، وسمّي بذلك لأن لهم صوم ثلاثة أيام قبل الصوم الكبير يسمى صوم العذارى فإذا انقضى الصوم اجتمعوا على الدير فتقرّبوا فيه أيضا، وهو مليح طيب، قال: وبالحيرة أيضا دير العذارى. ودير العذارى أيضا: موضع بظاهر حلب في بساتينها ولا دير فيه، ولعلّه كان قديما.

دَير العَسَل:
على غربي شاطئ نيل مصر من نواحي الصعيد، وهو دير مليح عجيب نزه عامر بالرهبان.

دَير العَلّثِ:
زعم قوم أنه دير العذارى بعينه، وقال الشابشتي: العلث قرية على شاطئ دجلة من الجانب الشرقي في قرب الحظيرة دون سامرّا، وهذا الدير راكب دجلة وهو من أنزه الديارات وأحسنها، وكان لا يخلو من أهل القصف، وفيه يقول جحظة البرمكي:
يا طول شوقي إلى دير ومسطاح، ... والسكر ما بين خمّار وملّاح
والريح طيبة الأنفاس فاغمة، ... مخلوطة بنسيم الورد والراح
سقيا ورعيا لدير العلث من وطن، ... لا دير حنّة من ذات الأكيراح
أيّام أيّام لا أصغي لعاذلة، ... ولا تردّ عناني جذبة اللاحي
وفيه دليل على أنه دير العذارى لأن الشعر في ذكر النساء، وقال أيضا:
أيها الجاذفان بالله جدّا، ... وأصلحا لي الشّراع والسكّانا

الصفحة 523