كتاب المغني لابن قدامة ت التركي (اسم الجزء: 1)

يَعْبُرْ أكثرَ الحَيْضِ. والثَّانِى، أنَّ مَا وَافَقَ العادَةَ حَيْضٌ؛ لِمُوَافَقَتِه العادَةَ، وما زادَ عليها ليس بحَيْضٍ؛ لِخُرُوجِه عنها. والثَّالِثُ، أنَّ الجميعَ ليس بِحَيْضٍ؛ لاخْتِلَاطِه بما ليس بحَيْضٍ. فإنْ تَكَرَّرَ فهو حَيْضٌ، على الرِّوَايَتَيْن جميعًا. فأمَّا إنْ عادَ بَعْدَ العادَةِ لم يخْلُ مِن حَالَيْنِ: أحدُهما، أنْ لا يُمْكِنَ كَوْنُه حَيْضًا. [والثَّانِى، أنْ يُمْكِنَ ذلك؛ فإنْ لم يُمْكِنْ كَوْنُه حَيْضًا] (٩)؛ لِعُبُورِهِ أكثرَ الحَيْضِ، وأنَّه ليس بينَه وبينَ الدَّمِ أقَلُّ الطُّهْرِ، فهذا اسْتِحَاضَةٌ كُلُّه، سَوَاءٌ تَكَرَّرَ أو لم يَتَكَرَّرْ؛ لأنَّه لا يُمْكِنُ جَعْلُ جميعِه حَيْضًا، فكان جميعُه اسْتِحَاضَةً؛ لأنَّ إلْحَاقَ بَعْضِه بِبَعْضٍ أوْلَى مِنْ إلْحَاقِه بغيرِه. والثَّانِى، أنْ يُمْكِنَ جَعْلُه حَيْضًا، وذلك يُتَصَوَّرُ في حَالَيْنِ؛ أحَدُهما، أنْ يكونَ بِضَمِّهِ إلى الدَّمِ الأوَّلِ لا يكونُ بينَ طَرَفَيْهِما أكثرُ مِنْ خمسةَ عشرَ يومًا، فإذا تَكَرَّرَ جَعَلْنَاهُما حَيْضَةً واحدةً، ويُلَفَّقُ أحدُهما إلى الآخَرِ، ويكونُ الطُّهْرُ الذي بينهما طُهْرًا في خِلالِ الحَيْضِ. والصُّورَةُ الثَّانِيَةُ، أنْ يكونَ بينهما أقَلُّ الطُّهْرِ، إمَّا ثلاثةَ عشرَ يومًا، أو خمسةً عشرَ يومًا، ويكونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِن الدَّمَيْنِ يَصْلُحُ أنْ يكونَ حَيْضًا بِمُفْرَدِه بأنْ يكونَ يومًا وليلةً فصاعِدًا، فهذا إذا تَكَرَّرَ كان الدَّمَانِ حَيْضَتَيْنِ، وإنْ نَقصَ أحدُهما عن أقلِّ الحَيْضِ، فهو دَمُ فَسَادٍ، إذا لم يُمْكِنْ ضَمُّهُ إلى ما بعدَه. ومِثَالُ ذلك ما لو كانتْ عادَتُها عشرةً مِنْ أوَّلِ الشَّهْرِ، فرأتْ خمسةً منها دَمًا، وطَهُرَتْ خمسةً، ثم رأتْ خمسةً دَمًا، وتكرَّرَ ذلك. فالخمسةُ الأُولَى والثَّالثةُ (١٠) حَيْضَةٌ واحدةٌ تُلَفِّقُ الدَّمَ الثَّانِى إلى الأوَّلِ. وإنْ رَأَتِ الثَّانِى سِتَّةً أو سبعةً، لم يُمْكِنْ أنْ يكونَ حَيْضًا؛ لأنَّ بينَ طَرَفَيْها أكثرَ مِنْ خمسةَ عشرَ يومًا، وليس بَيْنَهُما أقَلُّ الطُّهْرِ. وإنْ رَأتْ يومًا دَمًا وثلاثةَ عشرَ طُهْرًا، ثم رأتْ يومًا دَمًا وتَكَرَّرَ هذا، كانا حَيْضَتَيْنِ، وصارَ شَهْرُها أرْبَعَةَ عشرَ يومًا. وكذلك إنْ رأتْ يَوْمَيْنِ دَمًا وثلاثةَ عشرَ طُهْرًا، [ثم رأتْ يَوْمَيْنِ دَمًا وثلاثةَ عشرَ طُهْرًا] (١١)، ثم
---------------
(٩) سقط من الأصل.
(١٠) فى م: "والثانية".
(١١) سقط من: الأصل.

الصفحة 439