كتاب المغني لابن قدامة ت التركي (اسم الجزء: 1)

مَالِكٌ، والشَّافِعِىُّ، واللَّيْثُ: ما تراهُ مِن الدَّمِ حَيْضٌ إذا أمْكَنَ. ورُوِىَ ذلك عن الزُّهْرِىِّ، وقَتادَة، وإسحاقَ؛ لأنَّه دَمٌ صَادَفَ عَادَةً، فكان حَيْضًا كغيرِ الحامِلِ. ولَنا، قَوْلُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا حَائِلٌ (٢) حَتَّى تُسْتَبْرَأَ بِحَيْضَةٍ (٣) ". فَجعل وُجُودَ الحَيْضِ عَلَمًا على بَرَاءَةِ الرَّحِمِ، فدل ذلن على أنَّه لا يَجْتَمِعُ معه. واحْتَجَّ إمامُنا بحديثِ سَالِم، عن أبِيه، أنَّه طَلَّقَ امْرَأتَه وهى حائِضٌ، فسأل عمرُ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ يُطَلِّقهَا (٤) طاهِرًا أوْ حَامِلًا (٥) ". فجعل الحَمْلَ عَلَمًا على عَدَمِ الحَيْضِ، كما جعل الطُّهْرَ عَلَمًا عليه، ولأَنَّهُ زَمَنٌ لا يَعْتَادُها الحَيْضُ فيه غَالِبًا، فلم يكنْ ما تَرَاهُ فِيهِ حَيْضًا، كالآيِسَةِ. قال أحمدُ: إنَّما يَعْرِفُ النِّسَاءُ الحَمْلَ بانْقِطَاعِ الدَّمِ، وقولُ عائشةَ يُحْمَلُ على الحُبْلَى التي قَارَبَتِ الوَضْعَ، جَمْعًا بينَ قوْلَيْها، فإنَّ الحَّامِلَ إذا رأتِ الدَّمَ قَرِيبًا مِنْ ولادَتِها فهو نِفَاسٌ، تَدَعُ له الصَّلَاةَ. كذلك قال إسحاقُ. وقال الحسنُ: إذا رأت الدَّمَ على الوَلَدِ
---------------
(٢) الحائل: التي لم تحمل.
(٣) أخرجه أبو داود، في: باب في وطء السبايا، من كتاب النكاح. سنن أبي داود ١/ ٤٩٧. والدارمى، في: باب في استبراء الأمة، من: كتاب الطلاق. سنن الدارمي ٢/ ١٧١. والإمام أحمد، في: المسند ٣/ ٢٨، ٦٢، ٨٧. وانظر: عارضة الأحوذى ٧/ ٥٩.
(٤) في م: "ليطلقها".
(٥) أخرجه البخاري، في: أول تفسير سورة الطلاق، من كتاب التفسير، وفى: باب قول اللَّه تعالى {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ}، وباب إذا طلقت الحائض يعتد بذلك الطلاق، وباب من طلق وهل يواجه الرجل امرأته بالطلاق، وباب وبعولتهن أحق بردهن في العدة، وباب مراجعة الحائض، وفى: باب هل يقضى الحاكم أو يفتى وهو غضبان، من كتاب الأحكام. صحيح البخاري ٦/ ١٩٣، ٧/ ٥٢، ٥٤، ٧٥، ٧٦، ٩/ ٨٢. ومسلم، في: باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها إلخ، من كتاب الطلاق. صحيح مسلم ٢/ ١٠٩٣، ١٠٩٥. وأبو داود، في: باب في طلاق السنة، من كتاب الطلاق. سنن أبي داود ١/ ٥٠٠. والترمذي، في: باب ما جاء في طلاق السنة، من أبواب الطلاق. عارضة الأحوذى ٥/ ١٢٣، ١٢٤. والنسائي، في: باب وقت الطلاق للعدة التي أمر اللَّه عز وجل أن تطلق لها النساء، وباب ما يفعل إذا طلق تطليقة وهى حائض، وباب الطلاق لغير العدة وما يحتسب منه على المطلق. المجتبى ٦/ ١١٢، ١١٤، ١١٥. وابن ماجه، في: باب طلاق السنة، وباب الحامل كيف تطلق، من كتاب الطلاق. سنن ابن ماجه ١/ ٦٥١، ٦٥٢. والدارمى، في: باب السنة في الطلاق، من كتاب الطلاق. سنن الدارمي ٢/ ١٦٠. والإمام مالك، في: باب ما جاء في الأقراء وعدة الطلاق وطلاق الحائض، من كتاب الطلاق. الموطأ ٢/ ٥٧٦. والإمام أحمد، في: المسند ٢/ ٢٦، ٤٣، ٥١، ٥٤، ٥٨، ٥٩، ٦١، ٨١، ١٢٤، ١٣٠.

الصفحة 444