كتاب المغني لابن قدامة ت التركي (اسم الجزء: تقديم)

وقد رزق مذهب الإمام الربانى أحمد بن محمد بن حنبل الشيبانى حظوة عظيمة، وعناية وافرة، وانتشارا واسعا في الجزيرة العربية، وجرى العمل به في المملكة العربية السعودية، وأصبحت كتب الحنابلة هي المعتمدة للتدريس في المساجد والمعاهد والجامعات، وأدى تطبيق الشريعة في المملكة العربية السعودية منذ أن قامت وإلى يومنا هذا إلى مزيد الحرص على كتب المذهب، والعناية بها.
وكتاب "المغنى" الذي شرح به موفَّق الدين ابن قُدامة "مختصر الخِرَقىّ"، في مقدمة هذه الكتب، هو موسوعة في الفقه المقارن. لم يكتف فيه صاحبه بشرح المختصر، وتفريع أبوابه، وذكر فصوله، وتحرير مسائله، والاستدلال عليها، وإنما ذكر، فيما يقارب الإِحاطة، مذاهب الفقهاء واستدلالهم، وقارن بينها، واحتجّ لمذهب إمامه، ووفَّى كل اجتهاد حقَّه، من بَسْط قولِه، وإيضاح دليله، ولم يحمله انتماؤه إلى مذهب الإِمام الجليل أحمد بن محمد بن حنبل، على الانتصار له في كل ما ذهب إليه علماء مذهبه، وإنما تناول ذلك كله ببَصَرِ الفقيه، وفطنة المجتهِد.
ولحاجة الدارسين والباحثين والعلماء والقضاة إليه، ولأن طبعاته السابقة - رغم اجتهاد أصحابها فيها، أجزل اللَّه مثوبتهم - تفتقر إلى استكمال وسائل التحقيق (١)، فقد فرغنا إلى الكتاب، فدرسنا مخطوطاته، على النحو الذي يكشف عنه وصفنا
---------------
(١) الطبعة الأولى التي أصدرها محمد رشيد رضا، وراجعها أبو الطاهر خالية من الضبط، وعليها بعض تقييدات يسيرة، وقد أفدنا من بعضها، وعزونا ما استفدناه إلى صاحبه، وهى مأخوذة عن نسخة بدار الكتب المصرية، إلا أن ناقلها غير بعض العبارات، ومن عجب أنا وجدنا هذا التغيير بالحبر بقلمه على النسخة المخطوطة المحفوظة بالدار.
والطبعة التي صدرت عن مكتبة القاهرة كتب مقدمتها محمود عبد الوهاب فايد، وحقق الأجزاء من الأول إلى السادس، والجزء الثامن, الدكتور طه محمد الزينى، ولم يرجع إلى مخطوطات الكتاب، واكتفى ببعض الضبط ويسير التقييد، وحقق الجزءين السابع والتاسع محمود عبد الوهاب فايد وعبد القادر أحمد عطا، وفيها تخريج بعض الأحاديث تخريجا مجملا، والرجوع في بعض المواطن إلى مخطوطتى دار الكتب ١٨، ٣٩، في مواضع قليلة جدا. وحقق الجزء العاشر محمود عبد الوهاب فايد، وجاء في أوله اعتذار الناشر عن أنه فاته أن يقول إن محقق الجزء العاشر اشترك في تحقيق الجزء السادس، وأن يرمز لتحقيقاته بحرف (ف) في السابع والثامن والتاسع، كما جاء في آخره قول المحقق إنه اشترك في تحقيق الأجزاء الخمسة الأخيرة، وإنه كان يود أن ينفق زميله من وقته أكثر مما أنفق، ويحافظ على تعليقاته، ويعتنى بالتصحيح المطبعى.

الصفحة 55