كتاب المغني لابن قدامة ت التركي (اسم الجزء: 2)

الشَّفَقُ البَيَاضُ. وَرُوِىَ ذلك عن عمرَ بن عبدِ العزيزِ. وبه قال الأوزَاعِيُّ، وأبو حنيفَة، وابن المُنْذِرِ؛ لأن النُّعْمَانَ بنَ بَشِيرٍ قال: أنا أعْلَمُ النَّاسِ بِوقت هذه الصَّلَاةِ صلاةِ العِشَاءِ، كان رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُصَلِّيها لِسُقُوطِ القمرِ لِثَالِثَةٍ (١). رَوَاهُ أبو داوُد (٢)، وروى (٣) عن أبي مسعُودٍ (٤)، قال: رأيتُ رسولَ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُصَلِّى هذه الصلاةَ حين يَسْوَدُّ الأُفُقُ". ولَنا، ما روتْ عائشةُ، رضِيَ اللهُ عنها، قالتْ: أَعْتَمَ رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بالعِشَاءِ، حتَّى ناداهُ عُمَرُ بالصلاةِ: نامَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ. فخرجَ رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "مَا يَنْتَظِرُهَا أحَدٌ غَيْرُكُمْ"، قالَ: وَلَا يُصَلَّى يومَئِذٍ إلَّا بالمدِينَةِ، وكان يُصَلُّونَ فيما بين أن يَغِيبَ الشَّفَقُ الأَوَّلُ إلى ثُلُثِ اللَّيْلِ (٥). رَوَاهُ البُخَارِيُّ (٦). والشَّفَقُ الأوَّلُ هو الحُمْرَةُ. وقال النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وَقْتُ المَغْرِب مَا لَمْ يَسْقُطْ فَوْرُ الشَّفَقِ". رَوَاهُ أبو دَاوُد (٧)، ورُوِىَ "ثَوْرُ الشَّفَقِ". وفَوْرُ الشَّفَقَ: فَوَرَانُهُ وسُطُوعُهُ. وثَوْرُهُ: ثَوَرَانُ حُمْرَتِهِ، وإنما يَتناوَلُ هذا الحُمْرَةَ. وآخِرُ وقتِ المغرِبِ أَوَّلُ وقتِ العِشَاءِ. ورُوِىَ عَن ابن عُمَرَ، عن النَّبِيِّ
---------------
(١) في م: "الثالثة". ولثالثة: أي لليلة ثالثة من الشهر. عون المعبود ١/ ١٦١.
(٢) في: باب في وقت العشاء الآخرة، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود ١/ ٩٩. كما أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في وقت صلاة العشاء الآخرة، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى ١/ ٢٧٦. والنسائي، في: باب الشفق، من كتاب المواقيت. المجتبى ١/ ٢١٢. والدارمى، في: باب وقت العشاء، من كتاب الصلاة. سنن الدارمي ١/ ٢٧٥. والإمام أحمد، في: المسند ٤/ ٢٧٠، ٢٧٢، ٢٧٤.
(٣) في: باب المواقيت، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود ١/ ٩٤.
(٤) في النسخ: "ابن مسعود" تحريف. وهو أبو مسعود الأنصاري البدرى عقبة بن عمرو بن ثعلبة، المتوفى سنة إحدى أو اثنتين وأربعين. أسد الغابة ٦/ ٢٨٦، ٢٨٧.
(٥) كذا أورده المؤلف، وفسره فيما يأتى. وفى صحيح البخاري ١/ ١٤٩: "الشفق إلى ثلث اليل الأول".
(٦) في: باب فضل العشاء، وباب النوم قبل العشاء لمن غلب، من كتاب المواقيت، وفى: باب خروج النساء إلى المساجد بالليل والغلس، من كتاب الأذان. صحيح البخاري ١/ ١٤٨، ١٤٩، ٢١٨. كما أخرجه النسائي، في: باب آخر وقت العشاء، من كتاب المواقيت. المجتبى ١/ ٢١٤. والإمام أحمد، في: المسند ٦/ ١٩٩، ٢١٥، ٢٧٢.
(٧) وتقدم تخريجه في صفحة ١٥.

الصفحة 26